هوكشتاين يعمل لحلّ متكامل.. و«الاعتدال» يَختتم اليوم جولته عند «الحزب»
بتوقيته يَصل الموفد الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين الى لبنان في زيارة ليوم واحد او اكثر. وتكتسب زيارته هذه اهمية كبيرة كونها تأتي على وقع إرهاصات الهدنة التي باتت وشيكة في قطاع غزة، وبالتالي على الجبهة الجنوبية اللبنانية، ما سيتيح له العمل في اجواء هادئة على البحث في حل حدودي ـ سياسي سيفرض حتماً إنجاز الاستحقاق الرئاسي بانتخاب رئيس جمهورية واقامة سلطة هي صاحبة الصلاحية في تنفيذ القرار الدولي 1701 على جانبي الحدود.
قالت أوساط ديبلوماسية لـ«الجمهورية» انّ لدى هوكشتاين تصوراً متكاملاً يعمل على إيجاد الطريق لتحقيقه، ولكن بعد تدوير عدد من الزوايا. وقد ناقش بعض مراحله مع أطراف لبنانية، ويقوم على تجزئة الحل الى ثلاث مراحل، تبدأ من تثبيت وقف إطلاق النار على الجبهة الجنوبية فور إعلان وقف إطلاق النار في غزة.
ورجّحت أوساط ديبلوماسية ان يسعى هوكشتاين مع «حزب الله»، عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري، الى تثبيت تدابير تحول دون عودة المواجهات الى جنوب لبنان في حال انتهاء هدنة غزة. على ان تكون الخطوة التالية إزالة الاعتداءات الإسرائيلية على الحدود اللبنانية، والتي كان وصَفها الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله بـ«الفرصة التاريخية». ووفق تصوّر هوكشتاين ثمّة حاجة ملحّة لانتخاب رئيس للجمهورية وإعادة تكوين السلطة، والأرجح أن يكون ذلك بالتوازي مع الاتفاق على تثبيت الحدود البرية وقبل الشروع في المرحلة الثالثة المتعلقة بتطبيق القرار 1701. وهذا ما يفسّر التخفيف الأميركي لا النّسف لاندفاعة الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية.
وقالت هذه الاوساط ان الحقيقة قد تكون في العمل على «تَبطيء» وتيرة تحرّك الخماسية لكي تتمكن من مواكبة تصور هوكشتاين، وان المرحلة الحالية هي مرحلة تثبيت وقف النار بعد غزة، على أن تأتي مرحلة إعادة تكوين السلطة في اللحظة المؤاتية ووفق «وظيفة» محددة للرئيس المقبل وهي ضمان تطبيق القرار 1701 والإشراف على كل الاتفاقات التي سيجري التفاهم حولها في الجنوب. وهو ما يعني وصول شخص الى رئاسة الجمهورية يحظى بثقة العواصم الغربية و»حزب الله» في الوقت عينه. (راجع ص 4)
وعلى عكس بعض التوقعات يبدأ هوكشتاين اليوم زيارة قصيرة لبيروت تمتد ليوم واحد، وسيستهلّ لقاءاته باجتماعات متتالية مع كل من رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، قبل ان يلتقي قائد الجيش العماد جوزف عون العائد من روما.
وعلمت «الجمهورية» انّ على جدول أعمال هوكشتاين لقاءات مختلفة ومتفرقة، منها ما يجمع فريق عمله مع مسؤولين في السفارة الاميركية واصدقاء لبنانيين كان وما زال على علاقة استشارية معهم.
وقالت مصادرمطلعة لـ«الجمهورية» ان الوضع عشية زيارة هوكشتاين لم يتغير بحسب ما هو متوافر من معلومات لديها. وان لم يحمل جديدا منذ ان أنهى زيارته لتل ابيب قبل ثلاثة اسابيع وعاد الى واشنطن من دون المرور ببيروت. ذلك ان المحادثات التي أجراها في حينه في تل ابيب لم تنته الى ما يمكن ان يقدمه ويحمل جديدا كانت تنتظره بيروت.
ولفتت المصادر الى انّ لدى هوكشتاين جديداً يحمله هذه المرة كونه هو مَن حدّد موعد زيارته كما ابلغ الى اكثر من مسؤول لبناني، على ان يتوجه مساء اليوم او صباح غد الى اسرائيل. ولم تشأ هذه المصادر اجراء اي ربط بين زيارة هوكشتاين وما نقل عن الرئيس الاميركي جو بايدن من أنّ اليوم الاثنين كان موعداً لوقف نار مؤقت في قطاع غزة، قبل ان يتراجع قبل أيام عن هذا التوقّع، وهو ما فتح الباب مجددا على جديد لا يمكن التثبّت منه قبل انتهاء زيارة الموفد الرئاسي الاميركي.
واشارت المصادر الى انّ هوكشتاين سبق له ان ربط أيّ خطوة ميدانية ممكنة بقرار وقف النار في غزة، ولذلك فإنّ ما يمكن أن يقوم به لن يتعدى مرحلة التحضير لما بعد ساعة الصفر، وهو قد يحمل خريطة طريق ليست واضحة المعالم بعد في انتظار ما تحمله الساعات او الايام القليلة المقبلة.
وقالت مصادر أخرى انّ هوكشتاين سيُطلع بري وميقاتي على ما يحمله من افكار جديدة حول تهدئة الجبهة الجنوبية وتثبيت الحدود البرية، في ضوء ما يكون قد نتج من مفاوضات القاهرة امس حول تحقيق هدنة في قطاع غزة خلال شهر رمضان من شأنها ان تنعكس تهدئة على جبهة الجنوب في حال نجحت وتم تطبيقها ولم تَتنصّل منها اسرائيل او تخرقها، حيث افادت بعض المعلومات ان تل ابيب لن ترسل وفدها الى العاصمة المصرية قبل حصولها على لائحة كاملة بأسماء الاسرى الإسرائيليين الذين ما زالوا على قيد الحياة في غزة.
ونقلت القناة 12 الاسرائيلية عن مصادر إسرائيلية قولها «إن الحكومة حصلت على رد حركة «حماس»، واكدت أنها لن ترسل وفداً إلى القاهرة، وانها أبلغت الى قطر أنّ رد «حماس» لا يسمح بتقدّم المفاوضات للتوصل الى الهدنة». وأوضحت مصادر إسرائيلية اخرى «انّ حماس لم تسلّم إسرائيل لائحة بأسماء المحتجزين الأحياء لديها».
لكن مصادر مطلعة على موقف «حزب الله» أوضحت لـ«الجمهورية» انّ «الحزب سيطلع بلا شك على ما يحمله هوكشتاين عبر الرئيس بري ويقرّر موقفه، علماً ان الموقف اللبناني الرسمي والمقاوم بات معروفاً لجهة وقف الحرب في غزة وانسحاب جيش الاحتلال منها، وإلزام الكيان الاسرائيلي بتطبيق القرار 1701 كاملاً وشاملاً ووقف الخروقات والانسحاب من كل الاراضي اللبنانية المحتلة من النقطة «بي 1» بحراً حتى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وخراج بلدة الماري (شمالي بلدة الغجر).
ورجّحت المصادر ان يلتقي هوكشتاين ايضاً نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب ما لم يكن قد التقاه خارج لبنان أخيراً. وربما يلتقي ايضا قائد الجيش العماد جوزف عون، لمناقشة جهوزية الجيش للانتسار في كل منطقة جنوب الليطاني.
وعشيّة وصول هوكشتاين، أعلن مسؤول في البيت الأبيض امس انّ المبعوث الرئاسي الأميركي سيزور بيروت اليوم «لمواصلة الجهود الديبلوماسية الرامية إلى وقف تصعيد النزاع عبر الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية وتحقيق الاستقرار».
وبحسب وكالة «رويترز»، لم يقدّم هذا المسؤول مزيدا من التفاصيل حول الزيارة. ونقلت الوكالة عن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، وهو أحد المسؤولين الذين من المقرر أن يجتمعوا مع هوكشتاين، قوله انه «يعتقد أنّ توقيت زيارته يشير إلى تقدم في جهود التوصل إلى هدنة في غزة «خلال الساعات أو الأيام القليلة المقبلة». وأوضح بوصعب «إذا حدث ذلك، أعتقد أنّ زيارة هوكشتاين هذه المرة ستكون ذات أهمية كبيرة لمتابعة الهدنة على حدودنا الجنوبية، ومناقشة ما يلزم لتحقيق الاستقرار وإنهاء احتمال توسيع الحرب مع لبنان».
مبادرة «الاعتدال» و«الحزب»
وعلى جبهة الاستحقاق الرئاسي تتجه الانظار اليوم الى لقاء كتلة «الاعتدال الوطني» مع رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محد رعد عند الثانية بعد الظهر، كمحطةٍ أخيرة في جولتها على الكتل النيابية التي تشمل ايضاً كتلة حزب الطاشناق الارمني، وسط ضبابية تُخيّم على نتائج مبادرتها الرئاسية لجهة الملاحظات التي أبداها بعض الكتل، ومنها ما هو تفصيلي قابِل للحل ومنها ما هو جوهري ويتعلق بمواءمة المبادرة مع بعض بنود الدستور التي ترعى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، وطريقة الدعوة الى الجلسة التشاورية وشروط عقدها ومن يترأسها وما هو المُلزِم منها وما هو غير الملزِم. وهل هي بديل لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية او تتماهى معها، وقد أيّدتها غالبية الكتل النيابية بإستثناء كتل المعارضة.
وعلمت «الجمهورية» من مصادر كتلة «الوفاء للمقاومة» ان «لا موقف مسبقاً لها من المبادرة، ولا يمكن ان نتخذ موقفاً بناء على ما نسمعه او نقرأه في الاعلام، بل سنستمع الى المبادرة بتفاصيلها من اصحابها وندرسها بتمعّن ثم نحدد موقفنا منها علناً».
لكن مصادر نيابية اخرى توقفت عند ملاحظات المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل، الذي قال: «الحوار يكون بدعوة واضحة وبمعايير معيّنة وعبر مشاركة رؤساء الكتل وعبر طاولة مستديرة في المجلس النيابي، وهي جاهزة. والحوار لا يكون مفتوحاً بل يجب أن يترأسه أحد». وتساءلت المصادر: هل يتضمن موقف «كتلة الوفاء» الموقف نفسه أم يكن لها موقف آخر؟ هذا عدا موقف حزب الكتائب الرافض المبادرة من اصلها، فضلاً عن ملاحظات «القوات اللبنانية» ايضاً عليها والتي تقوم على «فكرة تداعي النواب، وعدم توجيه دعوات رسمية، وعلى عدم وجود رئيس للجلسة بحيث لا تكون أقرب لجلسة حوار دعا اليها بري وترفضها «القوات».
توتر الجنوب
وعلى الجبهة الجنوبية تتوصل المواجات بين رجال المقاومة وقوات الاحتلال الاسرائيلي، وقالت «المقاومة الإسلامية» انها استهدفت موقع جلّ العلام بصاروخ «بركان» وأصابته مباشرة. فيما اعلنت وسائل إعلام إسرائيلية انّ صاروخ «بركان» استهدف موقعاً للجيش الإسرائيلي في الجليل الغربي، واشارت الى دوي انفجارات كبيرة داخل أحد المواقع العسكرية الإسرائيلية المحاذية للحدود مع لبنان. وتناقل ناشطون عبر مواقع التواصل الإجتماعي صوراً تُوثّق أعمدة الدخان المتصاعدة من المركز الإسرائيلي المستهدف.
كذلك استهدفت المقاومة منظومة المراقبة في موقع المطلة، واكدت قناة 12 العبرية إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان في اتجاه مستوطنة المطلة. فيما اعلنت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي عن «اطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان استهدف قوة إسرائيلية في معيان باروخ في إصبع الجليل».
وأعلنت المقاومة انها استهدفت ايضاً قوّة عسكرية اسرائيلية مقابل قرية الوزاني وحققت فيها إصابات مباشرة، «ما دفعَ قوات العدو لإطلاق قذائف دخانية للتغطية على عملية سحب القتلى والجرحى بالمروحيّات من موقع الاستهداف».
كذلك اعلنت المقاومة استهداف موقع السمّاقة في تلال كفرشوبا. وكذلك استهدفت انتشاراً للجنود الاسرائيليين في جبل نذر بالأسلحة الصاروخية «وحققت فيه «إصابة مباشرة».
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن دوي انفجارات في محيط مدينة نهاريا، فيما دوت صافرات الإنذار في المستوطنات الواقعة شمال شرق صفد خشية تَسلّل طائرات مسيّرة. واعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي إطلاق صاروخ اعتراضي تجاه هدف جوي مَشبوه في الجليل الأعلى.
وقصفت المدفعية الاسرائيلية قبل الظهر وبعده الحَي الجنوبي لمدينة الخيام بقذائف من عيار 155 ملم. فيما أطلق الجيش الاسرائيلي نيران أسلحته الرشاشة الثقيلة في اتجاه اطراف بلدة الناقورة وجبل اللبونة وعلما الشعب ورامية.
فرقة ألمانية
في غضون ذلك، اعلنت وزارة الدفاع الألمانية، امس، أنّ «فرقة التدخل السريع الألمانية مستعدة لإجلاء مواطنيها من لبنان في حال توسعت الحرب في قطاع غزة لتشمل دولاً أخرى في المنطقة». وقالت الوزارة عبر منصة «إكس»: «فرقة التدخل السريع المتخصصة بمهمات الإجلاء أعدّت أخيراً للإخلاء من لبنان في حال توسعت الحرب في قطاع غزة لتشمل المنطقة بأسرها». وأشارت إلى أنّ «قواتها المنتشرة في الشرق الأوسط تعمل على مهمات محددة، ومن أهمها تنفيذ عمليات إجلاء مواطنين من بعض المناطق».
وكانت وكالة الأنباء الألمانية قد قالت في وقت سابق «ان القوات المسلحة الألمانية نشرت أكثر من 1000 جندي في الشرق الأوسط، في قبرص بالمقام الأول، لتنفيذ عملية محتملة لإجلاء المواطنين الألمان من منطقة النزاع».