عودة النازحين بحاجة إلى قرار كبير غير متوفر والعودة الطوعية لا تتخطّى 20 ألفاً
ما زال موضوع النازحين السوريين يأخذ الحيز الأبرز، لكن جملة اعتبارات داخلية وإقليمية ودولية، وربطاً بحرب غزة وتفاعلها إلى ما يحصل في الجنوب اللبناني من حرب حقيقية، وصولاً إلى الاعتداءات الإسرائيلية، حجبت كلها الأنظار عن مسألة النازحين والعودة إلى ديارهم.
والجدير ذكره، أن أكثر من خطة جرى طرحها في السنوات المنصرمة دون أن تبصر النور وسط الانقسام السياسي الداخلي وصولاً إلى موقف الاتحاد الأوروبي، ولا سيما رئيس اتحاد العلاقات الخارجية جوزيب بوريل، الذي أكد أن النازحين يجب أن يبقوا حيث هم في لبنان، إذ تتكفل المفوضية الأوروبية بدعمهم تربوياً واستشفائياً ومالياً خصوصاً من الأمم المتحدة. ويثير كل ذلك التساؤل: هل من مشروع توطين على غرار الفلسطينيين الذين جاؤوا إلى لبنان بعد نكبة 1948؟ إلى مسائل أخرى تضج بها الساحة الداخلية حول هذه القضية التي تشكل باعتقاد البعض قنبلة موقوتة نظراً للعدد الكبير، حيث ليس ثمة إحصاءات دقيقة عن عددهم، لكنه يتجاوز المليونين، في ظل النزوح المستمر. لكن في الآونة الأخيرة، جرت عدة خطوات من الأمن العام أدت إلى ضبط الحدود، حيث كان للمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري، تحرك على غير مستوى وصعيد في هذه المسألة، إلى زيارات ولقاءات مع المعنيين بغية العمل من أجل العودة الطوعية للنازحين، لكن حتى الساعة البعض يسأل عن الأرقام وهل العودة الطوعية شهدت إقبالاً من السوريين للعودة إلى بلادهم؟
في السياق، تشير أكثر من جهة سياسية فاعلة لـــ”النهار”، إلى أن الموضوع دونه صعوبات وعوائق كثيرة، أولاً، ليس هناك قرار دولي بعودتهم، وهذا عنصر حيوي وأساسي في هذه المرحلة، إذ إن الحروب في أوكرانيا إلى سوريا والعراق وفلسطين ولبنان، تشكل أولويات لدى المجتمع الدولي. وكانت هناك لقاءات تنسيقية بين واشنطن وموسكو من أجل عودة النازحين السوريين إلى ديارهم وتحديداً من لبنان، وجرى أكثر من عرض وخطة لهذه العودة، منها إقامة مجمعات سكنية بعد الحدود اللبنانية-السورية تحديداً بعد جديدة يابوس، وحصلت لقاءات كثيرة في هذا السياق، وكلف السفير الروسي السابق في لبنان ألكسندر زاسبكين بهذه المهمة، وزار دمشق والتقى المسؤولين السوريين، لكن الحرب الروسية الأوكرانية وتفاقمها أدّت إلى طيّ الحراك وتحديداً التواصل بين الولايات المتحدة وروسيا في ظل تنامي الخلافات بينهما.
وهناك مسألة أخرى، تتمثل بالدور الذي يضطلع به الأمن العام الذي أوقف عمليات التهريب وضبط الحدود والجوازات وكل هذه المسائل، إلا أن النازحين السوريين ما زالوا في لبنان. وبصريح العبارة يقول مرجع سياسي، هذا الموضوع لا يبحث اليوم وهناك مشاكل كبيرة والقضية بحاجة إلى قرار سياسي كبير، وحتى الآن لم ينضج دون إغفال أن الرئيس السوري بشار الأسد، قال إن ثمة صعوبة حيث البنى التحتية مدمّرة، ما يعني أن القرار ما زال بعيد المنال في هذه المرحلة.
في السياق، تشير مصادر مطلعة على هذه المسألة إلى أن القوافل التي تم تجهيزها وعودتها إلى سوريا لا تتخطى 20 ألف عائد منذ أربع سنوات إلى اليوم، لكن مجدداً هناك تسجيل أسماء لدى الأمن العام في كل المراكز من أجل تجهيز هذه القوافل للعودة إلى الديار، لكن حتى الساعة ليس هناك من شيء جديد في هذا الإطار، وثمة لجنة من الجيش اللبناني والأمن العام تجتمع مع الجيش السوري والأمن العام السوري باستمرار، لمواكبة ومتابعة هذه المسألة، فضلاً عن أن الأمن العام رحّل الكثيرين من المخالفين بعدما تسلمهم من الجيش، وبدوره سلمهم إلى الأمن العام السوري. وهذا يعني أن هناك مواكبة ومتابعة لهذه الأمور الأمنية، أكان على مستوى التهريب أم الترحيل، لكن بسبب القوافل ليس ثمة ما يشي بأن هناك قافلة جاهزة حتى الساعة، بل القضية تندرج في إطار تسجيل الأسماء.
وتردف لافتة، إلى أن أحد كبار المسؤولين المعنيين بالملف اللبناني السوري، يؤكد بجزم أن عودة هؤلاء إلى ديارهم قد تكون ممنوعة من المجتمع الدولي، فثمة قرار كبير من العواصم الدولية المعنية لعدم عودتهم، وهناك تضييق وأمور كثيرة تثير الاستغراب والعجب في آن واحد، لذلك الموضوع دقيق وحساس ويحتاج إلى متابعة وعناية كبيرة، لكن ليس ثمة ما يستجد ويؤكد أن النازحين السوريين سيعودون إلى بلادهم اليوم أو غداً، بل إن ذلك بحاجة إلى قرار دولي كبير، مثنياً على دور الأمن العام الذي يقوم بجهود كبيرة ومشيراً إلى مؤتمر سيُعقد الثلاثاء يعنى بشؤون النازحين.