الرحلات الحكومية: الجهة المنظّمة أو الإنفاق الخاص
يستقلّ وزراء حكومة تصريف الأعمال الطائرة من على مدرج مطار بيروت الدولي الذي يشهد حركة إقلاع وهبوط نحو وجهات خارجيّة لحضور مؤتمرات أو تلبيةً للدعوات التي تصلهم من دول مضيفة للمشاركة في ندوات. ويرتّب بعضهم رحلات خاصّة بهدف لقاء ديبلوماسيين أو نظراء دوليين للتداول في الأوضاع اللبنانية.
وإذا كانت وتيرة الذهاب والإيّاب قد انحسرت على النطاق الوزاريّ وسط الانهيار الاقتصاديّ، فإنّها لم تنتفِ كليّاً خصوصاً من ناحية بعض الوزراء الذين يتولّون مناصب هامّة. ولا تتكلّف الدولة اللبنانية في الإنفاق على المسافرين من الذين يتولّون مقاعد وزارية، فيما ينطلق الوزراء نحو الخارج على نفقة الدولة المضيفة أو يدفعون المصاريف من أموالهم الخاصّة.
واستناداً إلى المعطيات التي استقتها “النهار” من أوساط رئاسة الحكومة، فإنّ غالبية التنقلات الوزارية خارج لبنان تأتي تلبية لدعوات من الدولة المضيفة من دون أن تسهم في تكاليف ينفقها الوزراء شخصياً إلّا في حالات استثنائية. ويلبّي وزراء بعض الدعوات في إطار ترسيخ إبقاء علاقات لبنان الخارجية أقلّه في المناسبات الرسمية. ويدفع الوزراء ثمن التأشيرة حصراً في بعض سفراتهم إذا لم تكن الدولة أو المنظّمة التي يقصدها قد تولّت كلّ النفقات.
ويختلف الموضوع في حال أخذ الوزير على عاتقه الانتقال في رحلة ذات طابع شخصيّ. وثمة وزراء في مقدورهم أن ينفقوا بأنفسهم أيّ مبلغ إضافيّ إن كانت وجهتهم رسمية أو شخصيّة، فيما قد يساند رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في التكاليف للذين ليس في استطاعتهم أن يتحملّوا العناء الماديّ لبعض الرحلات الرسمية إذا لم تغطِّ الدولة المضيفة كافة التفاصيل. ومن ناحيته، يسافر رئيس الحكومة على نفقته الخاصة إضافةً للفريق الذي يرافقه في زياراته الخارجية وزارياً أو وظيفياً.
ليست هناك سبل رقابية للإنفاق على الرحلات الوزارية حالياً طالما أنّ الوزير لا يسافر على نفقة موازنة مجلس الوزراء، فيما غالبية الدعوات تحصل على حساب الدولة المضيفة في استثناء زيارات عمل وزارة الخارجية اللبنانية التي تنفق تكاليفها عبر هبات أو مساعدات مسبقة مقدّمة من دول خارجية ويوافق مجلس الوزراء عليها. وتنطلق غالبية الرحلات الوزارية من مبدأ حضور ندوات رسمية خارجية تحديداً.
وهناك اعتبارات خاصّة بوزارة الخارجية اللبنانية والمغتربين خصوصاً، طالما أن وزير الخارجية اللبنانية يضطر لحضور اجتماعات عمل خارج البلد، ومنها لا يستطيع التغيّب عنها. وانطلاقاً من المعطيات التي تشير إليها مصادر ديبلوماسية في وزارة الخارجية اللبنانية لـ”النهار”، إنّ الوزير عبدالله بو حبيب ينفق من أمواله الخاصة في بعض زيارات العمل في انتظار استرداد المبالغ التي يدفعها عبر اقتطاعها في مرحلة لاحقة من المساعدات الدولية التي تصل إلى الخارجية اللبنانية لهذه الغاية، علماً أنّ بو حبيب يسافر من دون اصطحاب فريق عمله وكان شارك حديثاً بمفرده في مؤتمر ميونيخ، أو يرافقه أحد الأشخاص فقط على نفقته الخاصة في بعض زيارات العمل نظراً لغياب التمويل من الدولة اللبنانية.
وكانت وزارة الخارجية اللبنانية حظيت في الأشهر الماضية بمساعدات خارجية من دول عدّة بعد موافقة مجلس الوزراء عليها ومن بينها خاصة بتكاليف زيارات العمل ومعدّات السفر، فيما ساهمت مبالغ مالية أيضاً في تأهيل مبنى وزارة الخارجية في بيروت. حتى أن وزارة الخارجية حصلت على مساهمات مالية من أشخاص لشراء القرطاسية والأوراق والمازوت، ولم تنفق الدولة اللبنانية أموالاً على تفاصيل بسيطة في غياب قدراتها المادية. وفيما كانت وزارة الخارجية تكلَّف في سفرات الوزارات اللبنانية، لكنّها أوقفت أي إنفاق نتيجة انعدام الأموال.
من ناحيتهم، يسافر بعض الوزراء على نفقتهم الخاصة إذا كان في مقدورهم تحمّل المصاريف خصوصاً على نطاق دول عربية. كأن يوضح وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عبّاس الحلبي أنّه لم يسافر على نفقة الدولة اللبنانية منذ توليه منصبه الوزاريّ، بل إن غالبية رحلاته يتحمّل نفقاتها شخصياً أو تكون التكاليف على حساب الدولة أو المنظمة. ويقول وزير التربية لـ”النهار” إنّ “مصاريف رحلاتي أثناء عملي في اليونيسكو قبل أن أتولى المنصب الوزاريّ، كانت أيضاً على نفقة الجهات المنظّمة، وكنت أتحمل بعض النفقات في بعض الزيارات الخارجية، من دون إغفال أن وزراء الحكومة الحالية لم يعرفوا مرحلة الإمكانات المالية للدولة اللبنانية”.
وعندما تسأل “النهار” وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين عن نفقات رحلاته الخارجية، لا يتردّد في الإجابة أن “كلّ السفرات التي قد تشمل أيضاً موظفي الوزارة المدعوّين مبنيّة على التزام في أن تكون النفقات على حساب الجهات المضيفة التي تكون في غالبيتها منظمات دولية. ولم يسبق أن سافر موظفو وزارة البيئة منذ أن شغلت الوزارة على نفقة الدولة اللبنانية، وكنت زرت بعض الدول على حسابي الخاص أيضاً. وكان الرئيس ميقاتي قد تكفّل في بعض الرحلات ومنها زيارة خارجية نحو تركيا رافقه وفد وزاريّ خلالها. ومن جهتي، لا أحبّذ تكليف الدولة اللبنانية نفقات السفر، وفي حال لم تكن مشاركتي ممكنة أحضر بعض المناسبات عبر تطبيقات مواقع التواصل”.