البطالة بين شباب لبنان الأعلى في المنطقة
سجّلت نسبة البطالة في لبنان ارتفاعاً ملحوظاً بين الاعوام 2019 و 2022 من 11.4 في المئة إلى 29.6 في المئة على التوالي، نتيجة سلسلة الأزمات التي عصفت بالبلاد.
أصدرت منظمة العمل الدولية تقريراً بعنوان «التشغيل والآفاق الاجتماعيّة في الدول العربيّة – اتجاهات العام 2024»، سلّطت من خلاله الضوء على وضع سوق العمل في المنطقة العربيّة، معلّقةً في هذا الصدد، بأنّه على عكس المؤشّرات الإقتصاديّة الأخرى، فإنّ تلك المتعلّقة بسوق العمل لم تعد بعد إلى مستويات ما قبل وباء الكورونا.
في ما يتعلّق بلبنان، علّق التقرير أولاً بأنّ مجموعة الأزمات التي عصفت بالبلاد مؤخّراً قد ألحقت ضرراً كبيراً بسوق العمل، بحيث إرتفع معدّل البطالة من 11.4% في العام 2019 إلى 29.6% في العام 2022 كما فقد 27.7% من الذين كانوا منخرطين في سوق العمل في العام 2019 وظائفهم. نتيجةً لذلك، إنخفضت نسبة عدد الموظفين من إجمالي عدد السكان لتصل إلى 30.6% في العام 2022 مقارنةً بـ43.3% في العام 2019. وقد فاقم إرتفاع مستويات التضخّم من حدّة المشكلة، ما أدّى إلى ظروف إجتماعيّة وإقتصاديّة صعبة، إذ يواجه 85% من اللبنانيّين صعوبات في تغطية إلتزاماتهم الماليةّ، فيما وصف 62% منهم وضعهم المالي بالصعب جدّاً. وقد أدّت الظروف القاتمة المذكورة آنفاً إلى موجة جديدة من هجرة الأدمغة بخاصّة في صفوف الأطباء والمهندسين والأكاديميين وروّاد الأعمال، مع الإشارة إلى أنّ إستطلاعاً أُجريَ في العام 2021 قد لفت إلى أنّ نسبة الأشخاص الذين عبّروا عن رغبة قويّة في مغادرة لبنان بشكل دائم قد وصلت إلى 63% مقارنةً بمستوى 26% ما قبل الأزمة.
وقد كانت موجة الهجرة هذه بمثابة سيف ذي حدّين بالنسبة للبنان، بحيث بلغت التحويلات الماليّة والتي شكّلت شريان حياة للعائلات نسبة 37.8% من الناتج المحلّي الإجمالي في العام 2022 (أعلى مستوى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وثالث أعلى مستوى في العالم)، إلّا إنّها في الوقت عينه قد حرمت البلاد من الموارد البشريّة.
وفي السياق نفسه، علّق التقرير على أنّ الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أنّ البطالة الطويلة الأمد (أي الأشخاص الذين ظلوا عاطلين من العمل لمدة عام أو أكثر) في لبنان قد وصلت إلى 48.9% من إجمالي نسبة البطالة في العام 2022، مقارنة بـ 46.7% في الأردن و39.5% في فلسطين. وأضافت منظمة العمل الدوليّة، بأنّ هذه البطالة لا تؤدي فقط إلى إستنزاف مالي طويل الأمد للأفراد المعنيين وأسرهم، بل تؤدي أيضًا إلى فقدان المهارات (مما يقلّل من إحتمالات العثور على وظيفة أخرى) وزيادة مشاكل الصحة العقليّة والمشاكل الإجتماعيةّ.
وأضاف التقرير، بأنّ مستويات البطالة بين الشباب (الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً) هي أكثر حدّة، حيث بلغت 47.8% في لبنان (أعلى مستوى في العالم العربي) في العام 2022 مقارنة بـ 45.9% في سوريا و42.0% في الأردن و27.7% في العالم العربي (4 أضعاف مستويات البطالة بين البالغين).
في السياق عينه، بلغت نسبة الشباب الذكور غير الملتحقين بالعمل والتعليم والتدريب مستوى 26.1% في لبنان مقارنة بـنسبة 24.3% في فلسطين و22.1% في العراق، معلقةً في هذا الصدد بأنّ إرتفاع هذه المعدّلات قد يؤدي إلى إضطرابات إجتماعيّة.
دائماً وفقًا لمنظمة العمل الدولية، فإنّ لبنان يعاني أيضاً من تفاوت في مستويات الأجور بين المناطق المختلفة، مع إتسّاع هذه الهوّة كلما إبتعدنا عن بيروت.
بالأرقام، أشار التقرير إلى أنّ 15.6% و15.2% من الموظفّين قد تمّ تصنيفهم على أنّهم عمال من ذوي الأجور المنخفضة في بيروت وجبل لبنان على التوالي في العام 2022، مع إرتفاع المعدّل إلى أكثر من 30% في المحافظات المتبقيّة، وبخاصّة في عكّار، حيث بلغ ذروته. كما وتنتشر أيضاً مشكلة الفجوة بين الجنسين في سوق العمل في لبنان والدول العربيّة الأخرى، حيث تبلغ الفجوة المذكورة 27.6% في لبنان للأشخاص الحاصلين على تعليم إبتدائي، و18.1% و13.6% و18.5% لأولئك الحاصلين على تعليم متوسّط وثانوي وجامعي على التوالي.
في المقابل، أشار التقرير إلى أنّ لبنان يتمتع بأعلى مستوى (26.7% في العام 2022) من النساء في المناصب الإداريّة في المنطقة مقارنة بـ 23.6% في الإمارات و21.1% في فلسطين و17.5% في العراق وفقط 4.5% في اليمن. كما ويعاني سوق العمل في لبنان من إنتشار ظاهرة ساعات العمل الطويلة للغاية، حيث يقع 32.9% من السكان (أحد أعلى المستويات في المنطقة) ضمن هذه الفئة. ولا تقتصر مشاكل سوق العمل في لبنان على جانب الطلب فحسب، بل على جانب العرض أيضاً، حيث أفادت 88% من شركات التكنولوجيا في لبنان عن صعوبة في العثور على موظّفين مناسبين.
أخيراً، أشارت منظمة العمل الدوليّة إلى أن مشاكل سوق العمل في لبنان قد تفاقمت بسبب عوامل خارجيّة أيضاً كمشكلة تدفّق اللاجئين (أحد أعلى مستويات اللاجئين للفرد الواحد على مستوى العالم)، وتداعيات حرب غزة على البلاد مع وجود أكثر من 86,000 نازح داخلي، وإنخفاض الناتج المحلّي الإجمالي الحقيقي بنسبة تتراوح بين 0.6% و 0.9% في العام 2023.