الدولة مشلولة وإيراداتها في دائرة الخطر
أطفأ أمس موظفو وزارة المالية «السيرفرات» وأغلقوا مكاتب الوزارة وأعلنوا الاضراب الشامل، الذي اذا طال قد يؤخّر موعد قبض رواتبهم، كذلك توقفت كل معاملات الدفع في الوزارة حتى تلك التي كانت تحصّل عبر شركات تحويل الاموال.
قرار الموظفين جاء على خلفية وقف التحفيزات المالية التي كانت قد دخلت حيّز التنفيذ يوم الاربعاء، والتي خصصت لهم دون سواهم من بقية موظفي القطاع العام، الأمر الذي أثار حفيظة بقية ادارات وموظفي القطاع العام الذيم كانوا السبّاقين الى اعلان الاضراب والتوقف عن العمل اعتباراً من أمس.
عودة القطاع العام برمّته الى الاضراب الشامل والبلبلة التي حصلت كنتيجة للتمييز بين موظفي القطاع العام، استدعيا تدخّلاً من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي طلبَ، من خلال اتصال مع وزير المالية يوسف الخليل، وقف دفع الحوافز الاضافية التي خُصّصت لبعض موظفي الادارة العامة، ليُحال الملف برمّته الى جلسة مجلس الوزراء المقررة في الثالثة والنصف من بعد ظهر اليوم في السرايا من خارج جدول الأعمال.
وقد استدعى تسارع الاحداث هذا تحرّكاً من القطاع الخاص المتضرر الاول من توقف موظفي القطاع العام عن العمل لا سيما في القطاعات الحيوية، لِما لذلك من انعكاس سلبي على سير الاعمال والتأخّر في إنجازها. فصدرت بيانات متلاحقة تُناشد الحكومة التدخل وإيجاد حل لمعضلة الاضراب ولأزمة القطاع العام عموماً، لا سيما منها من نقابة مستوردي المواد الغذائية ونقابة اتحاد القصّابين ومستوردي المواشي، الذين حذّروا من خطر تعطّل سلسلة الامدادات بالمواد الغذائية ببقائها في المرفأ نتيجة اضراب موظفي وزارة الزراعة ومراقبي حماية المستهلك.
وبالعودة الى جذور الازمة، يشرح عضو تجمع موظفي الادارة العامة وممثل وزارة المالية لدى الحكومة حسن وهبي لـ«الجمهورية»، أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدنا في آخر لقاء له معنا، أي منذ حوالى الاسبوعين، على أن يعمل جاهداً من اجل إصدار المرسوم الخاص بإعطاء حوافز مالية لموظفي القطاع العام، في خلال جلسة مجلس الوزراء التي حال يومها تحرّك المتقاعدين وقطعهم للطرقات من دون إقراره.
تابع: مطلبنا كان ولا يزال إصدار هذا المرسوم الذي من شأنه تأمين حد أدنى للموظفين والمتعاقدين يُمكّنهم من العيش في ظل الظروف الصعبة وانهيار سعر الصرف، ويقضي هذا المرسوم بإضافة 3 رواتب للموظفين الى جانب الزيادة التي سبق وحصلوا عليها وتوازي الـ 7 رواتب ليحظوا بما مجموعه 10 رواتب، على أن يستفيد من هذه الزيادة الموظف في الخدمة والموظف المتقاعد. امّا الموظف الذي لا يزال في الخدمة فيحصل الى جانب الرواتب العشرة على بدل صفيحة بنزين تبدأ من 12 صفيحة بالشهر للفئة الخامسة وتزداد صفيحتين لكل فئة تباعاً، وصولاً الى 20 صفيحة بنزين للفئة الاولى، اضافة الى بدل النقل المعروف بـ 450 الف ليرة عن كل يوم كبدل حضور يومي.
وكان يتوقّع ان تؤمّن هذه العملية بما مجموعه حوالى 350 دولاراً للفئة الخامسة، ويتدرج صعوداً عن كل فئة وصولاً الى نحو 700 دولار للفئة الاولى. الا انّ المتقاعدين لم يؤيّدوا هذا المشروع واتجهوا نحو التصعيد، ما حال دون إقرار المرسوم. وبما انّ وزارة المالية تؤمّن الجزء الاكبر من واردات الخزينة والعدد الاكبر من الخدمات الى المواطنين، وتجنّباً لتصعيد موظفيها وذهابهم نحو الاضراب، قرر وزير المال يوسف الخليل التقدّم بطلب سلفة خزينة على غرار ما حصل مع الاساتذة الذين أخذوها من نحو العام بقيمة 10 آلاف مليار، والقضاة بقيمة ألف مليار، واساتذة الجامعة اللبنانية…
وبرأي وهبة، أراد وزير المالية من خلال هذه السلفة استمرار تيسير أمور موظفي القطاع العام والهيئات الرقابية أي التفتيش وديوان المحاسبة ومجلس الخدمة المدنية، وجرى ضَم موظفي رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية الى المستفيدين، بهدف تمرير الوقت ريثما يتم إقرار المرسوم.
وكانت قد صدرت السلفة يوم الاربعاء. وبعدما قبض الموظفون المعنيون أولى الحوافز المالية «قامت القيامة» من قبل الادارات التي لم تطالها التحفيزات بعد، فبدأت تباعاً بإعلان الاضراب العام، فطلبَ الرئيس ميقاتي من وزير المالية وَقف العمل بالحوافز التي أعطيت الى بعض الادارات دون سواهم، وبطبيعة الحال كردّة فعلٍ رافِضة، اعلن موظفو المالية الاضراب.
ولدى سؤاله اذا كان تَوَقّف العمل بالسلفة يرفع الحظوظ بإقرار المرسوم اليوم في جلسة مجلس الوزراء؟ أكد وهبة الامر، وقال: بعدما كانت الجلسة ستخصّص للبحث في مشروع القانون المتعلق بمعالجة اوضاع المصارف واعادة تنظيمها، علمنا انّ موضوع موظفي القطاع العام قد يدرج من خارج جدول الاعمال ويقرّ المرسوم في جلسة اليوم، كاشفاً انّ هناك عدة مَساع للتعديل في المرسوم تكون أقرب لمطالب المتقاعدين، مثل خفض بدل البنزين للموظفين ورفع رواتب المتقاعدين قليلاً.