ميقاتي للمرة الأولى: الدولة مسؤولة 100٪ عن الودائع ولا جدال في ذلك
دخلت ازمة الودائع عامها الخامس من دون اي تقدم أو حتى خطوة ولو خجولة على طريق معالجتها، رغم ادراك كل المعنيين بهذا الملف، في السلطة السياسية او المالية او النقدية، ان كل يوم يمر يزيد حجم الأزمة على المودعين الذين يتعرضون لعمليات الاقتطاع او ما يُعرف بـ”الهيركات”، ويمعن في ضرب الثقة المفقودة بالدولة ومؤسساتها كما بالقطاع المصرفي، ويزيد الصعوبة في استعادتها، او في امكان الخروج من الازمة بالحد الادنى من الأضرار والخسائر.
ورغم ذلك، يبقى الحل عصياً على هذه السلطات بسبب العجز عن اتخاذ القرار الجريء بالاعتراف بأسباب الأزمة والمسؤولين عنها.
على مدى الأعوام الاربعة الماضية من الأزمة كانت المعزوفة الرسمية التي يرددها المسؤولون تتحدث عن “قدسية الودائع” وان “الليرة بخير”، إلى ان وقع المحظور، فطارت الليرة وتبخرت الودائع ولا يزال اللبنانيون يراهنون على صدقية السلطة وإمكان استعادة الاموال والمدخرات، فيما تتلطى السلطات وراء ذريعة التعطيل في تنفيذ خطة التعافي التي قدمتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قبل ان تتحول إلى تصريف الأعمال.
وفي الوقت الذي كان يفترض ان تكون قوانين وضع القيود على السحوبات ( كابيتال كونترول) او الانتظام المالي او هيكلة القطاع المصرفي قد انجزت بعد اربعة أعوام على الازمة، بادرت الحكومة إلى دمج هذه المشاريع في قانون واحد، واضافت اليها ايضاً بنداً يتعلق برفع قيمة الافادة من مؤسسة ضمان الودائع من 75 مليون ليرة إلى مليار ليرة، بعدما أصبحت قيمة الضمانة لا توازي اكثر من 80 دولارا!
وفي انتظار الجلسة الحكومية المرتقبة الأسبوع المقبل للبحث في المشروع الجديد وسط تنصل من مختلف المرجعيات من أبوته، اكد الرئيس ميقاتي لـ”النهار” على هامش لقائه وفد جمعية الإعلاميين الاقتصاديين، أن ليس المهم اليوم الجهة التي أعدت المشروع، بل المهم انه سيصبح مشروع الحكومة بعد ان يقره مجلس الوزراء، كاشفاً ان لا علاقة لوزير المال بالإعداد.
هو يعتبر انه لا يزال من المبكر الحكم على المشروع في صيغته الحالية لأنه معرّض للكثير من التعديلات بناء على ملاحظات الوزراء التي بدأت ترد الى رئاسة الحكومة.
لكن اكثر ما يلفت في كلام ميقاتي اعترافه للمرة الاولى بان الودائع البالغة 140 مليار دولار قد تبخرت، وان الدولة مسؤولة مئة في المئة عن الودائع، ولا جدال في ذلك، ولكن هو اليوم امام امر واقع يحاول ألّا يحمّل المودع او المصارف المسؤولية كاملة، على اعتبار ان المسؤولية تقع ايضاً على الدولة والمصرف المركزي، كاشفاً ان الحكومة تملك كل المعطيات والأرقام وستضعها في مشروع القانون عند الوصول إلى صيغته النهائية، مشيراً إلى ان الودائع المؤهلة تبلغ 40 مليار دولار فيما تبلغ الودائع غير المؤهلة 45 ملياراً.
يعوّل ميقاتي على الاتصالات التي اجراها مع رئيس المجلس نبيه بري ومختلف القوى السياسية للتعجيل في اقرار المشروع وعدم ادخاله في التجاذبات السياسية على نحو يتيح البدء بتنفيذه في شكل سريع، خصوصاً بعدما تم اقرار قانون الموازنة، وبقي امام وزير المال تحديد سعر الصرف الذي سيُعتمد فيها من اجل ان يصبح السعر المعمول به في التعاملات المصرفية، في شكل يؤدي إلى توحيد اسعار الصرف المتعددة.
يؤمن ميقاتي بإيجابيات المشروع رغم كل الملاحظات التي سمعها حيال بنوده، والتي يمكن في رأيه الاخذ بها وتعديله، ولكن الاهم بالنسبة اليه انه اقترح ادارة موجودات واصول الدولة غير المنتجة، مثل الكهرباء او القطاعات المعطلة والمشلولة او استثمار الأراضي. ويقول ان صندوق النقد الدولي ابدى ايجابية حيال المشروع. ومعلوم ان الصندوق كان ولا يزال يعارض المسّ بأصول او موجودات الدولة، ولكنه مع ادارة تلك غير المنتجة.