مزارعو الفريز شمالاً: هل مَن يسمعنا؟
في قرى تل اندي وتل حياة وتلبيرة والقليعات والسماقية وغيرها من قرى سهل عكار، تنتشر هذه الزراعة بكثافة، ولأنها من الزراعات التي تحتاج إلى المياه للريّ بشكل دائم، فإنّ القسم الأكبر من المزارعين، راح يستخدم الطاقة البديلة (الشمسية) إلى جانب المولّدات من أجل تأمين ريّ نباتات الفريز الصغيرة، التي تبدأ بالإنتاج سنوياً اعتباراً من شهر تشرين الثاني، أي بعد قرابة الشهرين أو يزيد على زراعتها، وتستمرّ بالإنتاج حتى شهري شباط وآذار.
ويعتبر الفريز العكاري منافساً للفريز الخارجي بقوة بحسب ما يؤكد مزارعون، وكانت العلبة الواحدة (1 كلغ) تباع بحدود 300 ألف ليرة لبنانية في بداية الموسم، ولكن عندما غزا الفريز المصري الأسواق اللبنانية تراجعت الأسعار وباتت العلبة الواحدة تباع بحدود المئتي ألف ليرة أو أقلّ من ذلك. ويصلح الفريز العكاري للأكل البيتي، وكذلك لتصنيع المربيات وغيرها، ويحاول الكثير من المزارعين بحسب ما يؤكدون لـ”نداء الوطن” عدم إدخال أي مواد كيماوية للزراعة حتى تبقى على جودتها وطبيعتها.
تصريف الإنتاج
هي زراعة كلّفت الكثير، وكانت الغاية من إدخالها إلى سوق عكار الإرتقاء بالنوع الزراعي، وتحقيق أرباح لم تعد تحقّقها المواسم التقليدية. ويشير مزارعون إلى أنّ سوق بيروت هي الأكثر استهلاكاً للفريز العكاري حالياً، في حين أنّ السوق العكارية والشمالية يغزوها الإنتاج المصري والسوري بشكل كبير، وصار للمزارعين من عكار اسم وماركة خاصة معروفة في السوق، كما هو الحال مع وليد مرقباوي أحد أصحاب مشاتل الفريز في سهل عكار.
يقول مرقباوي لـ”نداء الوطن”: “طوّرنا الزراعة كثيراً، وبتنا نستخدم أحدث التقنيات، ونحن قادرون بإنتاجنا ذي النوعية الجيدة أن ندخل أسواق الخليج وأوروبا بكل ثقة، وكل ما هو مطلوب للإرتقاء بهذه الزراعة قمنا به من جهتنا، ونتمنى لو تعود وتُفتح أسواق الخليج أمام الفريز اللبناني والعكاري وأمام كل الزراعات. كما نتمنى على وزارة الزراعة أن تجعل تسويق المنتجات الزراعية والمواسم المحلية من أولى أولوياتها، لدعم المزارع اللبناني وتثبيته في أرضه، لا إدخال مواسم من الخارج دون احترام رُوزنامة زراعية”.
ويؤكد محمود شتيوي- وهو مزارع عكاري، “أنّ فريز عكار جاهز للمنافسة، والتربة العكارية مناسبة جداً لإنضاج الفريز العادي، والإكسترا وبأحسن النوعيات”، ويشدّد على “أنّ هناك مزارعين من مناطق لبنانية أخرى يأتون إلى عكار من البقاع وجبيل وبيروت، ليزرعوا الفريز، كدلالة على ملاءمة التربة العكارية هذه النبتة”.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الزراعة الجميلة هذه تعرّضت لخسائر كبيرة في العاصفة الأخيرة والفيضان الذي حصل بفعل ارتفاع منسوب المياه في النهر الكبير، ولم يجد المزارع العكاري إلى جانبه أي جهة رسمية أو غير رسمية تعوّضه خسائره، وكأن الفريز هي الزراعة الأكثر نسياناً من قبل المعنيين ضمن قطاع كلّه منسيّ.