السجل العقاري في جبل لبنان إلى العمل بعد توقف دام سنة
تتجه الانظار الى أمانات السجل العقاري بعد طلب وزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف الخليل من المديرية العامة للشؤون العقارية دعوة الموظفين والعاملين في أمانات السجل العقاري الى الالتحاق بأعمالهم. فهل سينفّذ الموظفون هذا الطلب أم سيتم التعامل معه اسوة بالقرارات السابقة؟
بعد اضراب استمر مدة سنة وحرم الخزينة العامة مبالغ ضخمة، من المفترض ان يباشر الموظفون في امانات السجل العقاري اعمالهم الاثنين المقبل لانجاز المعاملات المكدسة في مكاتبهم والتي تفوق الـ75 ألف معاملة.
ولكن كيف سيتم التعامل مع الموظفين الذين قد لا ينفّذون القرار، عدا ان بعضهم ملاحق قضائياً بسبب إما سوء استعمال السلطة وإما بسبب الرشى؟ علماً ان عدد الموظفين في امانات السجل العقاري في جبل لبنان يفوق الـ 120 فيما وصل عدد “المتوارين” الى 68 وصدرت مذكرات غيابية بحق 14 موظفاً.
بَيد ان قرار مجلس الخدمة المدنية ميّز بين الموظفين الذين أُخلي سبيلهم واولئك المتوارين، وبالتالي فإن عودة من أُخلي سبيلهم الى الوظيفة لا تستوجب أي اجراءات قانونية بحق الموظفين طالما ان لا احكام قضائية صدرت بحقهم ويمكنهم ممارسة وظيفتهم من دون أي معوقات قانونية.
وفي السياق، يؤكد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر لـ”النهار” ان “التعميم الصادر عن وزارة المال يدعو الموظفين الذين لم تصدر بحقهم احكام قضائية للعودة الى عملهم وبالتالي لن تواجه هؤلاء أي صعوبات”.
وكان المكتب الإعلامي لوزارة المال اعلن أمس أنه “بناءً على طلب الوزير من المديرية العامة للشؤون العقارية الطلب الى الموظفين والعاملين في أمانات السجل العقاري الالتحاق بأعمالهم، تم إبلاغ جميع المعنيين، على أن يستأنفوا بدايةً العمل على معالجة جميع الطلبات والمعاملات المتراكمة، للانتقال بعد إنجازها الى استقبال طلبات ومعاملات جديدة، يعلن عنها في وقت قريب”.
اما مَن لا يحضر فسيخضع لأحكام قانون الموظفين الصادر في العام 1959، وهذا يستتبع التوقف عن العمل في بادىء الامر ومن ثم اتخاذ الاجراءات وفق الانظمة والاصول المتبعة في الدولة اللبنانية.
لا يمكن تقدير الوقت الذي سيستغرقه الموظفون العائدون الى ممارسة عملهم لانجاز المعاملات المكدسة والتي تفوق الـ75 الفاً، ولم تحدد وزارة المال الفترة التي قد يستهلكها الامر وذلك بسبب تعدد المعاملات واختلاف اجراءات اتمامها.
وبحسب متابعي هذا الملف الشائك، فإن الموظفين المتوارين والصادرة بحقهم استنابات قضائية سيخضعون للاصول المتبعة، بمعنى ان الاجهزة الامنية أي الضابطة العدلية ستتولى تطبيق تلك الاستنابات القضائية وتعمل على توقيف المتهمين وعرضهم على القضاء المختص.
ويلفت الاسمر الى ان الدعوة للحضور ومزاولة العمل في جميع امانات السجل العقاري في جبل لبنان ستسمح بانجاز المعاملات المكدسة والتي عددها عشرات الآلاف، اما عن الاجراءات بحق المتخلفين عن الالتحاق بوظيفتهم فيشير الى ان “الموظفين يخضعون لشروط الوظيفة العامة، وبالتالي فإن هؤلاء سيخضعون للقانون وخصوصاً لجهة التوقف عن العمل والعقوبات التي ينص عليها قانون الموظفين”.
واما الاولوية فستكون لانجاز المعاملات في كل امانات السجل العقاري في جبل لبنان، وفي المرحلة اللاحقة ستكون في اصدار الافادات العقارية لمن يطلبها ثم يتدرج العمل في اتجاه اعادة الامور الى طبيعتها وانجاز معاملات المواطنين.
إذاً كل ذلك رهن بمباشرة العمل في امانات السجل العقاري ومدى استجابة الموظفين لطلب وزارة المال. ولكن هل سيعتبر مستقيلاً حكماً من الوظيفة العامة مَن لا يلتحق؟
في المبدأ يحرم قانون الموظفين العموميين الاضراب ويمنع كل من يعمل في الادارة العامة من التوقف عن العمل، وكان مجلس شورى الدولة يبت المراجعات بشأن الاضراب في القطاع العام، علماً ان قراراً صدر عن المجلس على عكس قراراته التي لا تحمل مفعولاً رجعياً قضى بمنع اعتبار المعلمين الذين اضربوا مستقيلين من وظائفهم.
لكن ذلك تبدل في السنوات السابقة وبات الاضراب وسيلة عادية للضغط لتحقيق المطالب وتكرس منذ العام 2020 مع اشتداد الازمة النقدية، ودخلت الادارة العامة في مرحلة غير مألوفة، ولم تتعاط الحكومة بحزم مع تلك الخطوات التصعيدية للموظفين نظراً لاشتداد الازمة وتآكل القيمة الشرائية لليرة اللبنانية.
يُذكر انه في تشرين الثاني الفائت اتخذ مجلس الوزراء قراراً بعد اعتماد رأي مجلس الخدمة المدنية وتطبيق المادة 65 من نظام الموظفين يفترض أن تكون الإدارة قد مكّنت الموظف من مباشرة عمله وأبلغته بذلك، وفي حال تجاوز مهلة الـ 15 يوما من دون عذر مشروع، ينبغي على الإدارة إعداد مشروع مرسوم يرمي إلى اعتباره مستقيلا من الخدمة من تاريخ انقطاعه عن العمل وبعد أن يبلغ الموظف بوجوب الحضور إلى مركز عمله.