إعادة تحريك ترشيح أزعور هل يعكس معطيات جديدة؟
عاد الحديث بقوة حول ما يتصل بالاستحقاق الرئاسي، في ظلّ تساؤلات هل يكون للبنان رئيس للجمهورية هذه السنة؟ وربما خلال الشهرين المقبلين كما نقل عن أوساط سياسية ومرجعيات ومنهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بما معناه، توقعه أن ينتخب الرئيس في وقت ليس ببعيد، ومردّ ذلك وفق المعنيين والمتابعين، معطيات تشي بذلك من خلال العودة المرتقبة منتصف الجاري للموفد الفرنسي جان إيف لودريان، المكلف بهذا الملف الأمر الذي أشارت إليه وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا لدى زيارتها لبنان، عندما قالت لأحد الذين التقتهم، إن لودريان سيتابع قريباً موضوع الانتخابات الرئاسية وهذه مسألة تعني فرنسا كثيراً، ويجب أن يكون هناك رئيس للبنان لمواجهة تحديات المرحلة القادمة.
في السياق، نُقل أن مرشح فريق المعارضة أو التقاطع الوزير السابق جهاد أزعور أمضى عطلة الأعياد في بيروت والتقى ببعض المسؤولين، لكن الخبر لم يتأكد وربما ثمة تكتم عليه، فيما لدى سؤال “النهار” بعض المحيطين بمرجعيات سياسية وحزبية، نفوا ذلك دون أن يخوضوا في التفاصيل، فيما البعض حاول تجاهل الموضوع لجملة اعتبارات وظروف دقيقة في هذه المرحلة والتوقيت قد لا يكون ملائماً للإفشاء عن اللقاءات، خصوصاً أن هناك متغيّرات كثيرة حصلت منذ أن أطلقت المعارضة مرشح التقاطع، في مواجهة رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، حتى الكثيرين من المرجعيات والقيادات السياسية ومنهم من المعارضة.
لذلك، الحديث عن لقاءات أزعور في بيروت قد لا يكون مؤكداً. ووفق بعض أوساط المعارضة فإن أزعور حتى إشعار آخر ما زال مرشح المعارضة وهذه مسألة واضحة لا تحتاج إلى أي تأويلات، ما دام هناك مرشح للممانعة فإننا حتى الساعة لم نشر على الإطلاق إلى أننا تخلينا عنه، إذ إن ترشيحه أدى إلى التقاطع في إطار موازين القوى بعدما أعلن الثنائي الشيعي دعمه رئيس تيار المردة، وقلنا إننا نجمع كمعارضة على أزعور، ولا شيء تغيّر حتى الآن. ولدى السؤال: هل جاء أزعور إلى بيروت والتقى برئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع؟ تقول الأوساط إنه لا علم لديها على الإطلاق بهذا الأمر، والحكيم لم يتحدث عن ذلك أمام المقربين منه، ما انسحب على قوى أخرى في المعارضة، إذ فوجئوا بالخبر، وقال منهم لا علم له بأن أزعور التقى بهذا المسؤول وذاك أو هذه الجهة السياسية وتلك، لكن ربما جاء إلى لبنان لقضاء عطلة الأعياد وأجرى مشاورات لأنه كان موجوداً في بيروت.
وتتابع من هذا المنطلق، ليس في الأفق ما يشير إلى أن المعركة عادت من جديد بين مرشح المعارضة والممانعة، وربما ثمة مناورات سياسية وهنا بيت القصيد، بمعنى نحن سنعلن كمعارضة انسحاب مرشحنا إن حصل توافق مع الطرف الآخر الممانع، ليلجأ إلى ذات الخطوة ويسحب مرشحه، وحين يكون هناك كلام عن التوافق حول مرشح إجماع وطني عندها نحن مستعدون لذلك.
وتردف لافتة إلى أن كلام رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن استعداده للبحث عن مرشح توافقي، فذلك تلقفه رئيس مجلس النواب نبيه بري والمحيطون به بمنتهى الإيجابية، ونقل أن هذا الكلام يُبنى عليه في عين التينة لما له من أهمية، فهل لذلك ربط بين الدخول في مقايضات ومناورات تقضي بأن يُسحب المرشحان فرنجية وأزعور، أم توافق على اسم واحد أو اسمين من خلال الدعوة إلى مرشح توافقي، ولا سيما كل من قائد الجيش العماد جوزيف عون والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، باتا من المقبولين لدى معظم الأطراف في الداخل والخارج، وعلى هذه الخلفية، يجري الحديث عن هذه المسألة لكن حتى الساعة الجميع بانتظار عودة لودريان، الذي قد يكون من يحمل معه كلمة السر في ظلّ إجماع اللجنة الخماسية على المرشح الثالث والتوافقي، يضاف إلى ذلك ما يقوم به الموفد القطري “أبو جاسم” الذي سبق أن زار لبنان ودخل في مرحلة متقدمة حول البحث في الاستحقاق الرئاسي، إلا أن حرب غزة واشتعال جبهة الجنوب حجبا الأنظار عن هذا المعطى، فيما يعوّل على الدور السعودي عبر حراك السفير وليد بخاري بهدوء مع المرجعيات السياسية والروحية إلى التنسيق الكامل بين باريس والرياض وتحديداً بين الموفد الفرنسي والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، ما يعني الأمور بدأت تأخذ منحىً تصاعدياً لانتخاب الرئيس العتيد في وقت ليس ببعيد، ويقول البعض إن الأمور موضوعة في ثلاجة الانتظار بحيث هناك ربط بين الميدان في غزة وما يجري من حرب طاحنة وصولاً إلى لبنان حيث الاعتداءات الإسرائيلية حوّلت الساحة الجنوبية إلى حرب مفتوحة وكل الاحتمالات واردة في هذا الإطار، لذا هل من مشروع أو قرار دولي عربي إقليمي، لانتخاب الرئيس لمواجهة ومجابهة تحديات المرحلة؟
توازياً، لم نتمكن من الاتصال بالوزير جهاد أزعور ولكن لدى سؤال الملتصقين والمقربين من الدائرة الضيقة لكل من القوات اللبنانية وحزب الكتائب والوطنيين الأحرار وهؤلاء يشكلون الثقل المسيحي الذي رشّح أزعور من الطبيعي إلى جانب التيار الوطني الحر الذي كان أساسياً ضمن التقاطع، فجميعهم نفوا حصول أي لقاءات معه وأي معطى جديد، بمعنى ارتفعت حظوظه أكثر من قائد الجيش وسوى ذلك من الكلام الذي أثير في الآونة الأخيرة، لا بل إن أحد قادة المعارضة يؤكد أن مسألة التقاطع انتهت وكل من يتحدث بها إنما لتأكيد احترام الترشيح وحشر الآخرين ممّن يتنصّلون منه قبل التوافق على شخصية أخرى تحظى بإجماع كافة القوى والمكونات السياسية الداخلية، لكن ثمة مسألة مهمة يجب التوقف عندها، ألا وهي المعطى الدولي العربي الإقليمي وتحديداً اللجنة الخماسية، إذ لديها مرشح أو اثنان من الخيار الثالث يجري البحث بهما من خلال حركة الموفدين التي هي من سيبلور مسار الاستحقاق الرئاسي في غضون الأسابيع القليلة المقبلة أكان على خط قائد الجيش أم المدير العام للأمن العام بالإنابة وربما آخرين، ولكن كل ما قيل بأن أزعور ارتفعت حظوظه والتقى بهذا وذاك، ربما يأتي في إطار الإثارة الإعلامية والسياسية والرئاسية.
وأخيراً، السؤال المطروح: هل تسريب خبر عودة أزعور ولقاءاته بقيادات المعارضة وأن حظوظه ارتفعت في مواجهة قائد الجيش، إنما هو للتشويش السياسي بعد التمديد لعون على رأس المؤسسة العسكرية، فهل ذلك لقطع الطريق على وصوله إلى قصر بعبدا؟ الأرجحية تصبّ في هذه الخانة وتحديداً من قبل التيار الوطني الحر وربما “حزب الله”، وإن كان قام بقبّة باط لتمرير التمديد للقائد.