د. رياض سالم عوّاد: الجوانب الحضارية لدمشق

صدر حديثاً عن دار صفحات للدراسات والنشر، الجمهورية العربية السورية، دمشق ضمن سلسلة مطبوعاتها للعام (2024( كتاب (الجوانب الحضارية لدمشق في القرنين السادس والسابع الهجريين من خلال كتاب “الدارس في تاريخ المدارس” للنعيمي “ت927 هـ/1520م”)، للدكتور رياض سالم عواد/ أستاذ التاريخ الإسلامي المساعد في كلية الآداب/ جامعة كركوك/ العراق، وفيه قال عواد: إن تاريخ دمشق حافل بالكثير من وجوه الإبداع الحضاري، والذي هو أحق ما يكون بالدارسة والبحث، ومن شأنه أن يضيء الكثير من زوايا تاريخ الحضارة الإسلامية، إذ كان للدمشقيين عبر تاريخهم نشاطاً مشرّفاً في ميادين الحضارة المختلفة، فانبثق عن ذلك النشاط العريق كياناً حضارياً عظيماً زاد من لمعان التاريخ الاسلامي، ويعد الشيخ محيي الدّين عبد القادر بن محمد النعيمي (ت927هـ/1520م)، واحداً من أبرز العلماء الدمشقيين والمؤرخين الكبار، المهتمين بتوثيق إبداعات المسلمين الحضارية على مرّ عصور الدولة الإسلامية، لاسيما في مدينته دمشق، ويشهد له بذلك كتابه (الدارس في تاريخ المدارس)، الذي يصنّف في مجاله من أهم الموسوعات التاريخية الإسلامية، إذ ضمّ بين دفتيه الكثير من الصور المشرقة لمختلف الجوانب الحضارية في هذه المدينة، فضلاً عن كونه مصدراً موثوقاً في مجال التاريخ العام، والسير والتراجم.
ومن هنا تبرز أهمية كتابي هذا الذي أقدّمه بين يدي القرّاء بغية لفت الأنظار على جهد النعيمي كمؤرّخ صوّر لنا الجوانب الحضارية المشرقة لدمشق، من خلال كتابه المشار إليه آنفاً، وإثبات أهمية دمشق كأنموذج للازدهار الحضاري الإسلامي خلال عصرها الذهبي المتمثّل بالقرنين السادس والسابع الهجريين.
انتظمت الدراسة في أربعة فصول مسبوقة بتمهيد، اشتمل هذا التمهيد على مبحثين مختصرين، تضمّن الأول منه التعريف بمدينة دمشق، وذلك بالتطرّق إلى بدايات تاريخها وذكر ما اشتهرت به من أسماء على لسان المؤرخين، أما المبحث الثاني فقد اختص بتقديم دراسة مقتضبة وسريعة عن أوضاع دمشق السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال القرنين السادس والسابع الهجريين
أما الفصل الأول من الدراسة فقد أحتوى هو الآخر على مبحثين تناول الأول منها حياة النعيمي متضمنة اسمه ونسبه وولادته وأسرته ونشأته العلمية وشيوخه وعصره ودوره في المجتمع الدمشقي وتلاميذه وآثاره وأخيراً وفاته، أما المبحث الثاني فقد سلّط الضوء على كتاب ( الدارس في تاريخ المدارس )، وذلك بالتطرّق إلى عدة أمور وهي: عنوانه ونسبته للمؤلف وذكر من ساهم بإتمامه ودوافع تأليفه مع الإشارة إلى مخطوطاته وذكر بعض كتّابها وأوصافها وأماكن وجودها، كما أظهرت الدراسة أهمية الكتاب وأشارت إلى أبرز موارد النعيمي فيه، ثم ختمت
الدارسة المبحث بتناول منهجية النعيمي في مصنفه أعلاه
وخُصص الفصل الثاني للحديث عن أبرز عوامل الإزدهار الحضاري في دمشق خلال فترة الدراسة وذلك وفقاً للمعلومات التي قدّمها النعيمي في هذا المجال، إذ تضمن المبحث الأول من الفصل أعلاه صور دعم السلاطين والأمراء والأعيان للحركة العلمية في دمشق، كإقامة ودعم المؤسسات التعليمية فيها، أو مشاركتهم في الحركة العلمية ذاتها، إلى جانب دعمهم اللا محدود للعلماء في دمشق وتقريبهم لهم، أما المبحث الثاني فقد صوّر أهم عامل من عوامل الإزدهار الحضاري في دمشق ألا وهو ذكر الجحافل العريضة من العلماء المرتحلة التي توجهت نحو دمشق خلال تلك المدة، لتساهم في إزدهار العديد من الجوانب الحضارية هناك.
أما الفصل الثالث فقد احتوت مباحثه الأربعة على أبرز المؤسسات التعليمية في دمشق، وبيان ما كانت تستند إليه من نظم إدارية ومالية وتعليمية نظّمت العمل وشؤون العاملين في هذه المؤسسات، فكان حديث المبحث الأول عن المساجد والجوامع، أما المبحث الثاني فقد تطرّق إلى دور القرآن الكريم في دمشق، في حين تناول المبحث الثالث دور الحديث النبوي الشريف، وختاماً بالمبحث الرابع الذي أختص بدراسة نظم المؤسسة التعليمية للمدرسة في دمشق.
وعنى الفصل الرابع بدراسة الإنتاج العلمي والأدبي في دمشق خلال مدة البحث، وذلك بعرض نماذج من مساهمات علماء دمشق في مختلف الميادين العلمية، وقد صُنفت هذه الإسهامات في ثلاث مباحث شمل الأول منها إسهامات العلماء في تطوير العلوم الدينية كعلوم القرآن الكريم وعلوم الحديث النبوي الشريف وعلم الفقه ومذاهبه، أما المبحث الثاني فقد تناول دور العلماء في تطوير العلوم الإنسانية كعلوم اللغة العربية وآدابها وعلمي التاريخ والجغرافية، في حين أختص المبحث الثالث بعرض إسهامات العلماء في تطوير العلوم العقلية بدمشق كعلم الطب والهندسة والفلسفة.

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.