هل يفك التحرّك الداخلي والخارجي مطلع العام الجديد رموز أزمة الرئاسة؟
قبل حرب غزة لم تحرز المساعي الداخلية والخارجية اي تقدم يذكر في ملف رئاسة الجمهورية، وبقي الحديث يدور حول الآلية او السبيل الذي يمكن ان يؤدي الى جلسة ناجحة لانتخاب الرئيس.
وفي آخر اجتماع لها، لم تتوصل دول المجموعة الخماسية الى مقاربة يمكن ان تساهم جديا في الدفع باتجاه حلحلة ازمة رئاسة الجمهورية، واكتفت بتحديد مهمة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان وبفتح الباب في الوقت نفسه للدوحة من اجل العمل على خط مواز آخر قد يسهم في احداث خرق بجدار هذه الازمة.
ورغم حرص الجانبين، الفرنسي والقطري، على تأكيد التنسيق فيما بينهما التزاما بالتوجهات العامة للمجموعة الخماسية، فان كلا منهما اختار اسلوبا مميزا على الاخر. فقد تجنب لودريان الدخول في بحث الاسماء المرشحة مع المسؤولين والاطراف اللبنانية، بينما تداول الموفد القطري مع بعض المسؤولين والاطراف بضعة اسماء مرشحة ومعروفة واخرى مستجدة، لكنه في الوقت نفسه حرص على التأكيد ان قطر ليست في موقع تسمية هذا المرشح او ذاك، وان هذا الامر يعود للبنانيين اولاً واخيراً.
وبعد اندلاع حرب غزة اصيب التحرك الداخلي والخارجي في شأن الاستحقاق الرئاسي بنوع من الشلل والجمود الى ان جاء لودريان مؤخرا الى بيروت وكرر الحديث عن “الخيار الثالث” دون الدخول باي تفاصيل او اسماء. وتبين من خلال اللقاءات التي اجراها ان مهمته الاساسية كانت تهدف في هذه الجولة الى السعي لمعالجة ملف قيادة الجيش وحث المسؤولين على التمديد للعماد جوزاف عون.
وبعد جلسة التمديد لقائد الجيش الاسبوع الماضي، بدأ الحديث يتنامى اكثر فاكثر عن قرب ادارة محركات الوسطاء والموفدين لاعادة وضع ملف رئاسة الجمهورية على الطاولة، خصوصا ان الموفد الفرنسي كان ابلغ المسؤولين اللبنانيين عزمه على العودة الى بيروت في شهر كانون الثاني المقبل لتحريك الملف الرئاسي. كما ان الموفد القطري “ابو فهد” اصبح متأهبا اكثر لاستئناف وتنشيط تحركه للغاية نفسها.
وعلى المحور الداخلي برز تمني نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب على الرئيس بري خلال جلسة التمديد للعماد عون ان يستأنف مبادرته الحوارية حول الاستحقاق الرئاسي بعد ان سمع منه ما كان اكد عليه رئيس المجلس امام زواره في الاسبوعين الاخيرين وجوب تعزيز الجهود من اجل العمل على وضع ملف رئاسة الجمهورية على النار بقوة انطلاقا من القناعة باهمية انتخاب الرئيس في اسرع وقت ممكن وعدم اضاعة المزيد من الوقت.
ووفقا للاجواء بعد جلسة التمديد لعون، فان هناك رغبة متنامية بان يكون الاستحقاق الرئاسي على رأس اولويات جدول الاعمال الداخلي والخارجي مع مطلع العام الجديد. لكن مفاعيل اجراء هذه الجلسة ما زالت محدودة او غير واضحة.
ويقول مصدر نيابي مطلع ان حراكا داخليا وخارجيا سيبدأ بعد رأس السنة، لافتا الى ان التطورات الاخيرة في المنطقة تفترض حسم هذا الاستحقاق وليس ابقاءه على الرف. لكنه يستدرك قائلا “ان هناك مخاوف جدية من ان تبقى التجاذبات حول هذا الملف اسيرة الحسابات المتصلة بالتطورات الخارجية ونتائج حرب غزة”.
ويعتقد المصدر ان تحريك الملف الرئاسي مع بداية العام الجديد لا يعني ان انتخاب رئيس الجمهورية صار قريبا او بات في متناول اليد. ويلفت الى ان هناك تفاوتا في النظرة والتعاطي مع هذا الملف بين دول المجموعة الخماسية. ففرنسا ترى انه بعد حرب غزة وفي ظل استمرارها، بات انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان امراً اكثر الحاحاً نظرا للحاجة الى دوره واكتمال المؤسسات الدستورية اللبنانية للتعامل مع الاستحقاقات المقبلة لا سيما الناجمة عن هذه الحرب. وهذا الرأي عبّرت عنه وزيرة الخارجية الفرنسية امام المسؤولين اللبنانيين في زيارتها الاخيرة لبيروت. ولا تبدي الادارة الاميركية اي اشارة جديدة حول هذا الملف، مكتفية بتكرار موقفها العام الداعي لانتخاب رئيس للجمهورية. ويتقارب الموقف السعودي مع الموقف الاميركي، بينما يبدو الموقف القطري مشابها للموقف الفرنسي. وتميل القاهرة الى اهمية زيادة المساعي والعمل مع اللبنانيين لحسم هذا الاستحقاق في اقرب وقت.
وبرأي المصدر النيابي ان المشهد الداخلي في شأن الاستحقاق الرئاسي لم يتغير، ولم يتأثر باجواء ونتائج جلسة التمديد للعماد عون.
ويشير الى ان المعارضين للحوار المباشر حول الاستحقاق الرئاسي لم يبدلوا موقفهم، ولم يعطوا حتى الان اشارات ايجابية في هذا الاتجاه.
ووفقا للمعلومات المتوافرة فان كلا من لودريان والموفد القطري سيركزان لدى استئناف مساعيهما مع مطلع العام الجديد على اجراء حوارات “بالمفرق” تمهيدا للدخول في غربلة الاسماء وتضييق المسافة بين الاطراف المعنية.
غير ان مثل هذا التوجه، لايعني الاستغناء عن عقد حوار مباشر بين كافة الكتل والاطراف من اجل التمهيد او وضع الاسس الصحيحة والمناسبة لنجاح جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، كما عبر وسعى اليه الرئيس بري منذ فترة غير قصيرة.
وحسب المعلومات فان هذا التوجه لم ينضج بعد، وان فكرة عقد طاولة حوار بشأن الاستحقاق الرئاسي تحتاج الى عوامل داخلية وخارجية، فهل تفك الحركة الناشطة المرتقبة مطلع العام الجديد رموز ازمة الرئاسة؟