فرنجيّة وعون مسارات رئاسيّة مختلفة… ماذا عن معاني اللقاء؟
لم يكن التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون سنة واحدة بعد فترة طويلة من النزاع حول المسألة “عفويا “بل جاء مدروسا ومنسقا بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس المجلس نبيه بري ومع المردة والحزب التقدمي الإشتراكي وبدعم من الكنيسة المارونية وتسهيل سني وموقف وسطي لحزب الله الذي لم يعلن وقوفه ضد التمديد أصلا واكتفى منذ السابع من تشرين بالانصراف الى الجبهة الجنوبية مغلبا الشأن العسكري على الملفات الداخلية، أضف الى هذه العوامل ان المخاطر الكبيرة من الفراغ العسكري حتمت على القوى السياسية وضع الاعتبارات السياسية والتجاذبات جانبا تجنبا للفراغ في قيادة الجيش.
مع ذلك ثمة من لا يزال يربط بين التمديد الذي حصل لقائد الجيش والملف الرئاسي بالقول ان الأصوات التي حصل عليها العماد عون تجعله حتما مرشحا رئاسيا قويا وتضمن بقاءه في صدارة المرشحين للرئاسة لمدة عام بسبب التقاطع الداخلي والدولي الذي حصل على تمديد ولايته في الجيش ، أتى ذلك أيضا بعد تسريب خبر العشاء السياسي بين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقائد الجيش الذي أربك المشهد الداخلي أكثر من التمديد نفسه، فالعشاء العائلي الذي جرى التحفظ عنه عشية التمديد ثم جرى تسريبه بعد الجلسة لم يكن عابرا وحمل رسائل سياسية متعددة لأكثر من طرف خصوصا انه يأتي بعد مرحلة من الخصومة وانتقاد المردة في اكثر من مناسبة لقائد الجيش .
ومع اصرار طرفي اللقاء على وضعه في خانة اللقاء الاجتماعي فإن تفاعلاته واصدائه بقيت تتردد في الأوساط السياسية فكل من فرنجية وعون مرشحان للرئاسة ويتنافسان على الموقع الرئاسي وسبق ان أعلن فرنجية قبل أشهر انه ضد التمديد لقائد الجيش قبل ان يعود ويعلن عدم معارضته التمديد ويصوت نواب التكتل لمصلحة التمديد.
وفق مصادر سياسية فان لقاء فرنجية وعون يأتي في مرحلة سياسية دقيقة حيث يربط كثيرون بين معطى التمديد لقائد الجيش والاستحقاق الرئاسي وأهميته تكمن في انه استثناء ومفارقة فليس عاديا ان يلتقي مرشحان للرئاسة محسوبان على مواقع سياسية متناقضة، اللقاء رافقته تساؤلات عدة اذ تحدثت معلومات قبل فترة عن إحتمال انسحاب فرنجية في حال كانت الرياح الرئاسية تميل الى جهة قائد الجيش فهل يمكن فعلا ان ينسحب احد المرشحين لمصلحة الثاني؟ تؤكد مصادر سياسية مطلعة ان اللقاء اتسم بالإيجابية والود والانفتاح فالطرفان يتعاملان بواقعية مع الموضوع الرئاسي ويدرك كل واحد ان الحسابات الرئاسية تتخطى الداخل وان رئاسة كل منهما لها مسارات مختلفة عن الطرف الثاني تبعا للتفاهمات الدولية والتسوية في المنطقة وعلى قاعدة ان الإبقاء على الخصومة لا يؤثر لا سلبا ولا إيجابا في الموضوع الرئاسي وهذا المعطى دفع فرنجية الى مسايرة الجو السياسي الذي مدد لقائد الجيش.
مع ذلك فان التمديد لا يزال الحديث السياسي الأول فثمة قوى لا تزال ترى في التمديد مكسبا للعماد عون وتعتبر التمديد استفتاء رئاسيا لمصلحة قائد الجيش فيما يرى آخرون ان حظوظ عون لم تعد نفسها بعد التمديد وتضاءلت وصار اسمه موازيا للمرشحين جهاد أزعور وسليمان فرنجية وبين الرأيين ثمة من يعتقد ان قبول فريق ٨ آذار بالتمديد لا يجعل قائد الجيش مرشحا رئاسيا وحيدا ولا يعني التخلي عن ترشيح سليمان فرنجية، وبالعكس فإن التمديد قد يعطي حافزا لقوى ٨ آذار لعدم تكرار التمديد رئاسيا وبرأي هذا الفريق ان التمديد راعى الهواجس المسيحية والاعتبارات الأمنية من جهة ولا يمكن اعتبار الأصوات التي نالها قائد الجيش مؤشرا رئاسيا ولن يغير في المسار الرئاسي الذي تحكمه مؤشرات وعوامل أخرى، وبالتالي يمكن الجزم ان لا اتفاق ولا مقايضة بين التمديد والرئاسة مستقبلا.