لبنانيون يقاطعون المواد الأجنبية رغم أنّ الحركة ضعيفة في الأساس
وكأنّ لبنان ينقصه بعد المتاعب والأزمات والحملات.
في كلّ مرةٍ يحصل فيها أزمات وحروب في المنطقة العربية، يتأثر لبنان بشكلٍ مباشرٍ بها، رغم أنّ وضعه الأمني والإقتصادي والمالي لم يعد يحمل. وما يحصل في الفترة الأخيرة خير دليل على ذلك.
تضامنًا مع أهالي غزّة وفلسطين، إجتاحت حملة تحت عنوان “هل قتلت اليوم فلسطينيًا؟” عددًا من الدّول العربية ومنها لبنان بالتزامن مع الحرب الحاصل في فلسلطين. وهذه الحملة تنتشر عبر مواقع التواصل الإجتماعي داعيةً إلى مقاطعة المنتجات والشركات الداعمة لإسرائيل، وسيلةً للتعاضد في وقت الأزمات وتثقيف الجيل ببعض السلع والمنتجات المحلية كبديلٍ لشرائها.
المواطن في حيرة.. والآراء تختلف
يبقى المواطن اللبناني في حيرة من جدوى الإستجابة إلى مثل هذه الدعوات، لا سيّما أنّ الآراء تختلف ما بين مؤيد ومعارض ومحايد. والسبب؟
خاضت “الديار” تجربة ميدانية جديدة حول واقع الحركة في الوقت الراهن، لمعرفة ما هي المواد التي يتمّ شراؤها من السوبرماركت. وكانت الآراء كالتالي:
أولًا: الزبائن الذين يتضامنون مع أهالي غزّة (وهم الأكثرية) يقاطعون السلع الغذائية وأدوات التنظيف ومستحضرات التجميل والعناية بالبشرة والمقاهي الأجنبية ..إلخ ويقومون بإستبدالها بأخرى محلية. هؤلاء الزبائن يعتبرون أنّهم بهذه الطريقة يدعمون فيها أهالي فلسطين بالدرجة الاولى، ويسوّقون لمنتجات لبنان ويشجّعونها على الاستمرارية في ظلّ الأزمة.
وتبيّن أنّ أسعار السلع المحلية، رغم أنّ البعض اعتبر أنّ جودتها أقل شأنًا من تلك الأجنبية، إلّا أنّ أسعارها تبقى الأفضل والأنسب لا سيّما في ظلّ الوضع الإقتصادي الراهن الذي يعيشه أهالي لبنان.
ثانيًا: الزبائن المحايدون. يشترون البضاعة التي تحلو لهم، وما اعتادوا عليها، أكانت محلية أو أجنبية. وهؤلاء الزبائن يعتبرون أنّ المحفّز الأساسي وراء شراء البضاعة هي الكفاءة والجودة وما اعتاد أولادهم عليها بغضّ النّظر عن مكان تصديرها.
إشارة إلى أنّ معظم هؤلاء الزبائن هم من الطبقة الغنيّة وغير مكترثين بما يحصل في المنطقة.
بحصلي
يؤكّد نقيب مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي في حديثٍ خاصٍ للدّيار، أنّ الطريقة التي يتم اتّباعها في المقاطعة لا تخدم الهدف المرجو منهُ بل تؤذي الإقتصاد الوطني والشعب اللبناني.
وفي حديثه، لفت بحصلي إلى أهميّة وضرورة تعبير كلّ مواطن لبناني عن رأيه بالطريقة التي يعتبرها مناسبة، طالما أنّ رأيه لا يتعدّى على حرّية الغير.
وعن موضوع المقاطعة، أكّد بحصلي أنّ معظم الشركات التي يتمّ مقاطعتها هي في الأساس شركات لبنانية تُدار بإدارة لبنانية، تؤمّن اليد العاملة اللبنانية، يتم شراء أصنافها من لبنان، وموادّها الأولية من لبنان، وبالتالي أي شخص يقاطع هذه الموادّ، سيؤذي بطريقةٍ ما الإقتصاد اللبناني والمواطن اللبناني وبالتالي الموظّف اللبناني في هذه الشركات.
وتمنّى بحصلي على هؤلاء الأشخاص المستمرين في المقاطعة، وهو أمر مُحقّ على حدّ تعبيره، التفكير مرّتين وطرح سؤال أين تحصل هذه المقاطعة وهل المقاطعة ستؤثر على الشركات الأجنبية أو سيؤثر ذلك على الشركات اللبنانية والمواطنين اللبنانين؟
وعن سؤال كيف تؤثر المقاطعة على أسعار السلع المحلية، يشير بحصلي إلى أنّ هذه الأصناف التي نحن نتكلم عنها هي في الأساس أصناف محلية، مثل البيبسي التي تصنّع في لبنان، والماكدونالدز كذلك الامر، الخبزة من لبنان واللحمة من لبنان والخس من لبنان والصوص من لبنان، وبالتالي هذه الأصناف التي يعتبرونها أجنبية، هي مئة في المئة محلية غير مستوردة.
وسأل: لماذا لم يتمّ مقاطعة شركاتiphone والساعات والسيارات؟ مؤكدًا أنّنا مئة في المئة مع دعم ما يحصل في غزّة ومع حرية التعبير التي يراها مناسبة، لكنّ الطريقة التي يتم المقاطعة بها لا تخدم الهدف المرجو منهُ بل تؤذي أكثر مما تخدم، لاسيّما بما يخصّ الاقتصاد الوطني والشعب اللبناني.