تقطيع وقت ومزايدات حتى تحين ساعة حسم التمديد أو التعيين
هل كان مديح رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لقائد الجيش العماد جوزف عون في احتفال راشيا بذكرى الاستقلال لتأكيد تمسّك الحكومة بعون على مشارف اسابيع قليلة جداً من انتهاء ولايته، أم كان بمثابة كلمة الوداع على قاعدة “اللهمّ إنّي سعيت”؟
يترك ميقاتي الباب مفتوحاً على أحد الخيارين المتاحين اليوم لمنع الشغور في موقع قيادة الجيش في العاشر من كانون الثاني المقبل، تمديداً أو تعييناً. تماماً كما فعل ولا يزال رئيس المجلس نبيه بري عندما اكد في حديث اول من امس ان لا خيار ثالثا غير الخيارين المشار اليهما.
ضاقت الخيارات إذاً، قاطعة الطريق أمام الخيار الأحب الى قلب رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الرامي الى تكليف الضابط الاعلى رتبة. وهو، بعدما استحال عليه الدفع بهذا الخيار، عمد الى إحراج القوى السياسية المؤيدة لخيار التمديد لعون، عبر دفع وزيره في الحكومة، وزير الدفاع المعني المباشر بهذا الملف موريس سليم، الى الاعلان عن توجهه الى رفع صيغة مرسوم الى مجلس الوزراء يقترح فيه تعيين المجلس العسكري ومن ضمنه قائد الجيش ورئيس الاركان، فيقطع الطريق في شكل نهائي على اي محاولات التفافية لتأجيل تسريح عون تحت ذريعة منع الشغور.
حتى الآن، لا تزال الصورة ضبابية رغم كل الكلام الذي يتردد على هذا الصعيد. ذلك ان بري وميقاتي قررا عدم حرق المراحل والانتظار حتى اللحظة الاخيرة قبل حسم موقفهما تمديداً أو تعييناً. وفي هذا الوضع، يتقدم ميقاتي على بري الذي يترك المسألة في عهدة الحكومة. وهو حاسم في موقفه لجهة عدم التدخل في صلاحيات السلطة التنفيذية، ويمهل الحكومة حتى نهاية الشهر الجاري، وإلا، فإنه سيدعو الى جلسة تشريعية بجدول اعمال كامل كما اعلن اول من امس، لبت الموضوع، علماً ان المجلس لا يمكنه البت إلا بالتمديد وليس بتعيين قائد جديد، الذي تعود صلاحيته الى مجلس الوزراء.
يسعى بري بكل ما أوتي الى ان يبعد عن المجلس هذه الكأس، تاركاً الامر للحكومة، وحجته لا لبس فيها بأن الامر من صلاحياتها قبل ان يكون من مسؤولية المجلس. واذا قُدر له تجرّع الكأس فلن يكون للتمديد حصراً لعون بل قد يشمل تأجيل التسريح للمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، نظراً الى ان هذا مطلبٌ يشترطه النواب السنّة، كما يسري الامر ايضاً على المدير العام للامن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، علماً ان أمراً كهذا ورد في اقتراح القانون الذي اعدّه النائب غسان سكاف وتريّث في تقديمه بناء على طلب رئيس المجلس.
هي اذاً مرحلة تقطيع وقت واستنفاد كل الجهود والمساعي والمواقف ليكون كانون الاول المقبل شهر الحسم وفق الاتجاه الذي ستنتهي اليه المساعي، علماً ان كل القوى السياسية قد كشفت اوراقها بما فيها “حزب الله”، أو بكركي التي قالت كلمتها لمصلحة التمديد لعون. وعليه، لا جلسة قريبة للحكومة، ولا جلسة للمجلس قبل منتصف الشهر المقبل، وربما في نهاية الاسبوع الاول منه، علماً ايضا ان بري لن يرضخ لشرط حزب “القوات اللبنانية” ان تكون الجلسة ببند وحيد لمشاركتها فيها.
في الانتظار، يستعيد مصدر سياسي مراقب مشهد المرحلة التي سبقت احالة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم على التقاعد، حيث كانت كل الاجواء والمواقف تؤيد وتدعم بقاءه في منصبه حتى اللحظة الاخيرة التي غادر فيها وتولى اللواء البيسري مهماته بالانابة.
هل يتكرر المشهد؟ لا يستبعد المصدر، مشيراً الى ان مديح ميقاتي لقائد الجيش ربما كان بمثابة “قبلة الموت”. يبقى العامل الخارجي الوحيد الذي يمكن ان يعزز حظوظ عون في السباق مع العميد طوني قهوجي الى اليرزة.