القمة الروحية تحتاج إلى تذليل عقبات وجدول أعمالها مُتخم بالاستحقاقات
حظيت زيارة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب إلى بكركي، باهتمام لافت إذ جاءت في ظل احتقان سياسي وطائفي بعد تعرّض البطريرك مار بشارة بطرس الراعي لحملات من جهات معروفة، ما ادى الى تدخّل اكثر من جهة لوقفها ومن ثم الشروع في حوارٍ بنّاء، وهذا ما حصل حيث جرى تواصل من قِبل موفد للبطريرك الراعي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ما ساهم بوقف الحملات وتنفيس الاحتقان ومن ثم الانطلاق نحو التلاقي والتواصل بين بكركي والمجلس الشيعي الأعلى في إطار لقاءات لم تنقطع بين موفدين للطرفين، إلى لقاء حصل بين الموفد المذكور من الصرح البطريركي والمُفتي الشيخ أحمد قبلان، الذي رفع من منسوب حملاته على بكركي بشكلٍ عنيف، وكان عتاب متبادل، وقد ساهم التواصل معه في التهدئة. من هنا، ان لقاء بكركي مع المجلس الشيعي الأعلى كان في وقته وفي ظروف بالغة الأهمية والدّقة، حيث هناك جبهة جنوبية مشتعلة وعقدة كبيرة تتمثل بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون او عدمه، ما يعني ان اكثر من ملف شائك بحاجة إلى التواصل والتلاقي بين المكونات اللبنانية. فماذا حصل في هذا اللقاء، لا سيما ما يُطرح عن عقد قمة روحية عاجلة، وهل نضجت ظروفها وباتت الاجواء الراهنة تسمح بانعقادها؟
في السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة الى أن الحديث عن امكان عقد قمة روحية، أُثير خلال زيارة البطريرك الراعي الى الجبل، وتحديداً في دارة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المُنى، اذ تمّ التداول في هذا الموضوع وبارك البطريرك لأبي المنى إنعقادها في دار طائفة الموحدين في فردان، وحصلت مواكبة ومتابعة لها من قِبل مشيخة العقل، الا ان الظروف الراهنة من حرب غزة واشتعال الجبهة الجنوبية والخلافات والانقسامات السياسية، لم تُعطِ الثمار المرجوة لانعقادها. وخلال زيارة وفد المجلس الشيعي إلى الصرح البطريركي، نوقش موضوع القمة الروحية بين الجانبين ولم يمانع البطريرك التئامها في المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى، لا سيما انها بُحثت في مراحل سابقة، او في دار الفتوى وكذلك في دار طائفة الموحدين الدروز. والسؤال: هل الظروف الراهنة سياسياً وما يحصل في الجنوب، الى الخلافات المستحكمة بين سائر المكونات، تتيح حصولها، وماذا عن جدول اعمالها؟
مصادر مقربة من بكركي وصفت لـــ”النهار” اللقاء بين الراعي والخطيب بالإيجابي، خصوصًا انه جاء بعد سلسلة لقاءات واتصالات من موفدين لسيد بكركي الى عين التينة والمجلس الشيعي الأعلى و”حزب الله”.
وبالنسبة الى القمة الروحية تقول المصادر ان “الحالة الراهنة في لبنان استثنائية بامتياز، ومن هنا يطرح السؤال نفسه: هل ثمة امكانية لجمع المرجعيات الروحية في اي مكان؟ ذلك ان جدول الاعمال وعناوين البحث هما الاساس وصلب الموضوع، فهل يمكن للبطريرك الماروني أن يطرح مسألة حياد لبنان وهي من الثوابت والمسلّمات والعناوين الاساسية التي سبق له ان نادى بها؟ حتماً ستلقى رفضاً في هذه المرحلة حيث حرب غزة والجبهة الجنوبية، ما يعني ان ليس هناك من مجال للسير بهذا الطرح، لا بل ستقوم الدنيا ولا تقعد، في حين ان ثمّة امورا يمكن ان تشكل جدول اعمال وتمّ بحثها من خلال لقاء بكركي أول من امس وفي سائر اللقاءات الجارية حول القمة، في طليعتها الاستحقاق الرئاسي، اذ لا يجوز ان يبقى لبنان من دون رئيس للجمهورية، وهو ما يُطالب به البطريرك الراعي ويعتبره من الثوابت والمسلّمات، الى مواضيع أُخرى تكون بمثابة ميثاق شرف لوقف الحملات الطائفية والمذهبية وضرورة تنفيس الاحتقان في هذه الاجواء التي تحتاج الى تواصل وتلاقٍ وكلمة سواء بين جميع القيادات الروحية والسياسية”.
وتلفت المصادر الى امر يجب تلقفه من خلال ما قاله البطريرك الراعي انه بصدد الاتصال وربما اتصل فعلا بالنائب محمد رعد للتعزية باستشهاد نجله عباس، الى العبارة التي اطلقها البطريرك عندما وصف الذين سقطوا بالشهداء، وهذا ما يتعين التوقف عنده ليكون مدخلاً لربط العلاقة والتواصل مع “حزب الله” الذي شئنا ام أبينا هو من يمسك بالساحة الشيعية وحتى بالمفاصل اللبنانية، ما يعني ان ثمة صعوبة لعقد اي قمة روحية من دون غطاء من الحزب.