الحكومة اختارت «ضرب» القانون لتحاشي العتمة
قررت «اللجنة الوزارية المخصصة لقطاع الكهرباء» في اجتماعها الاخير أن يُصار الى السير بمناقصة الفيول رغم ملاحظات هيئة الشراء العام عليها، وهذا الأمر من شأنه ان يُبعد شبح العتمة الشاملة مجدداً، والتي كانت متوقعة اعتباراً من منتصف كانون الاول المقبل.
لطالما كان اللبناني ضحية التجاذبات السياسية في موضوع الكهرباء والتي تضعه أمام خيارين: إمّا التغاضي عن الشكوك التي تحوم حول عقود الاستيراد ومخالفاتها لقانون الشراء العام، وإمّا العتمة الشاملة.
فقد أوصَت هيئة الشراء العام بإلغاء المناقصة الاخيرة التي اطلقتها وزارة الطاقة لتأمين 1.5 مليون طن متري من زيت الوقود الثقيل لمصلحة «كهرباء لبنان»، والتي تهدف الى توفير التغذية الكهربائية لشهري كانون الأول والثاني، وطلبت اعادة إجرائها نظراً للشوائب التي تضمنتها، الّا أنّ «اللجنة الوزارية المخصصة لقطاع الكهرباء» قررت في اجتماعها الاخير أن يُصار الى السير بمناقصة الفيول رغم ملاحظات هيئة الشراء العام عليها، مدفوعة بالحرص على عدم توقف معامل الانتاج عن العمل في منتصف شهر كانون الأول 2023. هل يعتبر قرار اللجنة الوزارية مُلزماً؟ وهل هذا يعني انّ المناقصة عادت و«مشيت» بغضّ النظر عن المخالفات التي تعتريها وذلك لأننا في سباق مع الوقت؟
في السياق، يؤكد رئيس هيئة الشراء العام جان العلية لـ«الجمهورية» أن هيئة الشراء العام قامت بموجباتها القانونية كاملة في مناقصة الفيول؛ واصدرت التقرير رقم ٦ الذي تضمّن مخالفات جوهرية لقانون الشراء العام؛ قام ببعض منها الوزير شخصياً في ظاهرةٍ غير مسبوقة في تاريخ المناقصات.
وأصدرت الهيئة توصية بإلغاء المناقصة وطلبت إعادة اجرائها من جديد على أسس شفافة وتنافسية؛ وأبلغ التقرير الى المديرية العامة لرئاسة الجمهورية والامانة العامة لمجلس النواب والامانة العامة لمجلس الوزراء وديوان المحاسبة والنيابة العامة لديه والتفتيش المركزي؛ كما نشر التقرير على موقع هيئة الشراء العام لاطلاع الرأي العام عليه عملاً بأحكام المادة ٧٦ من قانون الشراء العام.
تابع: نحن كهيئة شراء عام نقوم بواجباتنا ونظهر كيفية تطبيق القواعد والإجراءات القانونية، ويبقى للسلطة السياسية ان تلتزم بالتوصيات التي نُصدرها جزئياً او كلياً او لا تلتزم، وهي تتحمّل في ذلك مسؤوليتها تجاه السلطة التشريعية والرأي العام. وجزم ان ما يجب علينا فعله كهيئة شراء عام فعلناه؛ وما كتبناه قد كتبناه؛ وما قلناه قد قلناه؛ والمفترض ان الجميع سمع أو قرأ.
في مطلق الاحوال؛ إن قرار اللجنة الوزارية تضمن وجوب التزام الوزير بملاحظات هيئات الشراء العام؛ لنرى اذا كان سيحصل ذلك؟؟؟.
شبح العتمة
من جهة أخرى، أعربت مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان لـ»الجمهورية» عن أسفها لأنه لا يمكن إخراج ملف الكهرباء من التجاذبات السياسية والاهمال المتعمّد من السياسيين لإنجاح تحسين التغذية. وأكدت انّ المؤسسة نجحت في رفع نسبة تحصيل الجباية وتعمل على رفع التعديات عن الشبكة ورفع ساعات التغذية، كما ستبدأ بإصدار فواتير الكهرباء في المخيّمات السورية اعتباراً من الأسبوع المقبل.
في المقابل لا تؤخذ مطالب المؤسسة بجدية، فلا مصرف لبنان حَوّل رصيدها من الاموال من الليرة اللبنانية الى دولار لشراء الفيول، ولا أعطوها سلفة لشراء الفيول، كما جوبِهت مناقصة الفيول الاخير بالكثير من الاعتراضات، ما يجعل معامل المؤسسة عرضة للخروج عن الخدمة منتصف الشهر المقبل.
ورداً على سؤال، أكدت المصادر انه لم تعتمد المؤسسة بعد أي برنامج تقنين اضافي لإطالة أمد مخزون الفيول المتوفّر، لافتة الى انّ هذا التوجه غير مرغوب به على الاطلاق لا سيما بعد نجاح خطة الكهرباء بفضل تجاوب المواطنين بدفع فواتير الكهرباء، إذ ليس من السهل على المؤسسة العودة الى نقطة الصفر، لافتة الى ان العتمة الشاملة وإطفاء المعامل ستقابلان بتوقّف المواطنين عن دفع فواتير الكهرباء، لذا المطلوب من الحكومة مواكبتنا.
وذكّرت المصادر انّ المؤسسة أخذت 190 مليون دولار فقط من السلفة التي كانت مقررة لنا بقيمة 300 مليون دولار، وحتى اليوم لم يفتح الـ LC العراقي، ولا مناقصات سوى تلك الخاصة بالنفط العراقي. كما لم تتسلّم المؤسسة اي رد من وزارة المالية بخصوص الكتاب المتعلق بتسعير فواتير الكهرباء بالدولار، علماً انه مرّ حوالى الشهر على إرساله إليها… كل هذه المؤشرات تدل الى اننا نتجه نحو الأسوأ.
الطاقة الشمسية وتغطيتها للانتاج
ورداً على سؤال، أكدت المصادر انه بعد اتجاه غالبية اللبنانيين نحو الطاقة البديلة التي يقدر انها تنتج ما مجموعه 1000 ميغاوات كهرباء، يمكن القول انّ هناك تراجعاً بسيطاً في حاجة لبنان لإنتاج الطاقة وقد لمسنا ذلك على سبيل المثال في البقاع خلال النهار اذا كان الطقس مشمساً، موضحاً انّ 1000 ميغاوات من الطاقة الشمسية تساوي حوالى 200 الى 210 ميغاوات مما تنتجه المؤسسة فقط.