نقابة المحامين في بيروت: رهان على الأكثريّة الصامتة وتحالفات اللحظة الأخيرة

تشهد الإستعدادات الإنتخابيّة في «مجتمع المحامين» طابعاً مغايراً أشدّ حماوة وضبابيّة عن السنوات السابقة، مع خروج الإنتخابات المرتقبة غداً في 19 تشرين الثاني 2023 عن طابعها النقابي، وتحوّلها معركة سياسيّة تشكّل تتويجاً للإفراط في الولائم والحفلات التي أعدّها المتنافسون، على غرار تلك التي تشهدها الإنتخابات النيابيّة والبلدية.

وأمام احتدام المنافسة الإنتخابيّة، تغيب التحالفات المعلنة لدى غالبيّة المكوّنات الحزبيّة والمناطقيّة، كما الأكثريّة الصامتة داخل مجتمع المحامين، إذ يبقى قرار ما يقارب 4000 محامٍ يرجّح مشاركتهم من بين 7500 يحقّ لهم التصويت، رهن الساعات أو الدقائق الأخيرة، لإختيار 6 مرشحين في الدورة الأولى لمركز عضو في مجلس النقابة، من بين 15 مرشحاً، قبل التوجه إلى المعركة الأساسيّة وانتخاب أحد الفائزين في المراتب الأربعة الأولى نقيباً؛ علماً أنّ 11 من بين المرشحين الـ15 للعضوية، ترشحوا لمنصب النقيب في بيروت.

وإذ يحرص جميع المحامين المرشحين على تغليب إنتمائهم النقابي المهني وإستقلاليتهم على إلتزامهم الحزبي، إلّا أن الإنتخابات لهذه الدورة شهدت تدخلاً ومشاركة مباشرة من قبل قيادات حزبيّة في إدارة الحملات الإنتخابيّة ونسج التحالفات، و»المقايضات»، تحديداً ضمن القواعد الإنتخابيّة بين نقابتي بيروت والشمال. وذلك، وسط تركيز القواعد الحزبيّة على أهميّة إيصال محامين مرشحين حصراً لمجلس النقابة، لتعزيز حظوظهم في الدورة الثانية، بغية إقصاء المرشحين المنافسين على منصب نقيب.

وفي هذا الإطار، برز توجّه المحامين بتلاوينهم الحزبية والنقابيّة، كما المناطقيّة، لتأييد المرشحين المستقلين للعضوية، ومنهم لبيب حرفوش وإيلي قليموس، وذلك بالتوازي مع الحديث عن وجوب تمثيل المكوّن الشيعي داخل مجلس النقابة. ويتقّدم في هذا السياق، المرشح «المستقل» المدعوم من الثنائي «حزب الله» وحركة «أمل» شوقي شريم، رغم تشديد المتابعين على أنّ معركته تتطلب من «الثنائي» تكثيف مروحة إتصالاته من أجل تعزيز فرص وصوله، مع عدم اتضاح مقومات المعركة التي يخوضها المرشح وسام عيد (شيعي).

وفي ظل تلك المؤشرات، يتبيّن أنّ المنافسة تحتدم على منصب نقيب بين 4 من المرشحين الـ11، رغم التفاوت بين قدرات كلّ منهم على الحلول ضمن المراتب الأربع الأولى، والإنتقال إلى الجولة الثانية. ويسجّل في هذا الإطار تقدّم حظوظ المرشحين المستقلين:

1 – المحامي عبده لحود مع تمكّنه إلى جانب حيثيته المهنية بين المحاميات والمحامين، من الحصول على تأييد حزبي كبير من «القوات اللبنانيّة»، وتيار «المستقبل»، والحزب التقدمي الإشتراكي»، وآخرين.

2- المحامي اسكندر نجار (ألكسندر)، مع بروز دعم كبير له بين شريحة كبيرة من الأكثريّة الصامتة التي تميل إلى تأييده، وذلك جرّاء قدرته على التواصل مع غالبيّة القوى السياسيّة، والمستقلين الذين يشكّلون الحزب الأكبر داخل النقابة.

أمّا لجهة المرشحين الحزبيين، فيسجّل في هذه الخانة تقدّم كل من:

1- المحامي فادي المصري، مرشح حزب الكتائب، والمدعوم من أحد أعضاء مجلس النقابة الذي يسعى إلى الترشح في الدورة المقبلة. لم تتبلور الصورة النهائية لتحالفاته، وتترك أوساط مقربة منه الباب مشرعاً أمام توسيع مروحة تحالفاته في الساعات الأخيرة.

2- المحاميان اسكندر الياس، مستقل، مقرّب من «التيار الوطني الحر»، وفادي الحداد المنتسب إلى «التيار».

ومن المرتقب أن تؤدي المداولات بين قوى «8 آذار» إلى توحيد الجهود ودعم المرشح الأوفر حظاً على المنافسة، وسط ترجيح إنسحاب أحدهم للآخر، قبل ساعات من الإنتخابات، وتنضم بذلك أصوات «التيار الوطني الحر»، إلى أصوات «أمل» – «حزب الله» وآخرين، وتخوّل بذلك أحدهم من المنافسة الجديّة مع تسجيل تقدّم للحيثيّة التمثيليّة للمحامي اسكندر الياس بين المحامين.

المنافسة على العضوية

 

ولعلّ من المناسب أيضاً الإشارة إلى أنّ بين المنافسين على العضوية ومركز النقيب المحامين:

وجيه مسعد، يتقدّم المستقلين، ويحظى بعلاقات قوية وخدماتية مع عدد كبير من المحامين.

مطانيوس عيد، «مرشح دائم» على الإنتخابات النقابية.

الياس زخور، عرف بمتابعته الكبيرة لملف الإيجارات القديمة.

إبراهيم مسلّم، مستقل وناشط سابق إلى جانب «التيار الوطني الحر».

فريد الخوري، مستقل كان مقرباً من قوى 14 آذار.

يوسف الخطيب، مستقل مقرّب من القوى اليساريّة.

ووسط تأكيد المتابعين انّ القوة الصامتة أو حزب المستقلّين تميل إلى إبعاد التمثيل الحزبي عن النقابة، فإنّ التنافس على مركز نقيب يدور بين المحاميين إسكندر نجار وعبده لحود، كما اسكندر الياس في حال تمكّنت قوى «8 آذار» من رصّ صفوفها، على أنّ يبقى الإفصاح أو الكشف عن التحالفات النهائيّة في الدورة الثانية، من بينها تلك التي تحصل «تحت الطاولة» رهن النتائج التي ستؤول إليها الدورة الأولى.

وذلك وسط تسجيل تقاطع بين «المستقبل» والإشتراكي على التصويت لمرشح «الثنائي» شوقي شريم، إلى جانب تصويتهما للأعضاء المستقلين لبيب حرفوش وإيلي قليموس. ومع حصر «المستقبل» دعمه لمنصب نقيب بالتصويت للمحامي عبده لحود، فإن الإشتراكي يتجه أيضاً لدعم مرشح الكتائب فادي المصري، وترك الباب مشرعاً أمام دعم المرشح المستقل اسكندر نجار. قبل أن تدخل في موازاة ذلك، الحسابات وتصفية الحسابات التمهيديّة للإنتخابات المقبلة منذ اليوم، وتحديداً بين الأعضاء الحاليين داخل مجلس النقابة.

ومن المناسب التوقف عند تقاطع عدد كبير من المحامين والتحذير من فاعليّة ومستقبل مجلس النقابة أمام الثقل الذي سيكون على عاتق النقيب المنتخب في ظل جلوس 5 منافسين له إلى طاولة العمل داخل نقابة المحامين. ما دفع العديد من المحامين إلى التشديد على وجوب إعلاء الطابع النقابي المهني على السياسي، إنطلاقاً من القول المأثور: «ما دخلت السياسة شيئاً إلا أفسدته». فهل يكرّس «مجتمع المحامين» هذا القول؟!.

Leave A Reply

Your email address will not be published.