ثلاثة إقتراحات تشمل 3 مواقع عسكرية وأمنية
كلّما اقتربنا من شهر كانون الثاني المقبل، ارتفعت وتيرة الاهتمام بإيجاد حلّ للفراغ المنتظر في قيادة الجيش، مع انتهاء ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون. وفي ظل استمرار الشغور الرئاسي والخلاف حول دور حكومة تصريف الأعمال، يُصبح من الصعوبة بمكان، إجراء تعيينات تعالج الفراغ والخلل المنتظر في قيادة الجيش.
وبناء على ما تقدّم، فقد بادرت كتل نيابية مختلفة وتقدّمت باقتراحات قوانين معجّلة مكرّرة بغية إيجاد حلّ لهذه المشكلة، وبُذلت مساعٍ وجهود مختلفة لإيجاد المخارج الممكنة للحل، ولكنها لم تُثمر حتى الآن لأنّها لم تحظ بالتوافق المطلوب في حالات كهذه، وهو الأمر الذي يسعى إليه ويُنشده رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
وفي حال لم تنجح المساعي المبذولة عبر اتخاذ قرار عبر الحكومة بالتمديد لقائد الجيش، فإنّ كأس التمديد ستنتقل إلى المجلس النيابي الذي وعد رئيسه منذ أيام بتحديد جلسة تشريعية مطلع الشهر المقبل.
فبعد التغيير الذي طرأ على موقف كتلة «الجمهورية القوية» لجهة المشاركة في جلسة تشريعية يكون على جدول أعمالها اقتراح تمديد سن التقاعد لرتبة «عماد» في الجيش عاماً إضافياً، بما يمكّن قائد الجيش من البقاء في موقعه لمدة عام، برز أيضاً اقتراح لنواب كتلة «الاعتدال الوطني» يرمي إلى التمديد لقادة الأجهزة الأمنية مدة سنة، ويستفيد أيضاً من هذا الاقتراح المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي تنتهي ولايته خلال العام 2024 أيضاً.
ويتضمّن هذا الاقتراح مادة وحيدة تقول: «بصورةٍ استثنائية، وخلافاً لأيِّ نصٍ آخر، يُمَدّد سِنُّ تقاعُدِ قادةِ الأجهزةِ الأمنيةِ، العسكريينَ منهم، والذين يمارِسُونَ مهامَهم بالأصَالةِ أو بالوِكالةِ أو بالإنابة، يحملونَ رُتبةَ عمادٍ أو لواءٍ، لا يزالون في وَظائِفهم بتاريخِ صدورِ هذا القانون، وذلك لمدةِ سنةٍ من تاريخِ إِحالَتِهم على التقاعد».
وكان سبق هذين الاقتراحين، إقتراح معجّل مكرّر منذ أربعة أشهر تقدّم به النائب بلال عبد الله باسم «اللقاء الديموقراطي»ويرمي إلى تعديل مواد في المراسيم الاشتراعية التي ترعى تحديد سنّ الضابط في الخدمة في مختلف المؤسسات الأمنية.
ويُفضّل معدّ هذا الإقتراح العودة إليه باعتباره شاملاً ويُعالج المشكلة من كل جوانبها بشكل جذري. ويوضح النائب عبد الله لـ»نداء الوطن» أنّ اقتراحه أعدّ منذ بدء الحديث عن الفراغ المرتقب في قيادة المؤسسات الأمنية وقدّمه بصفة معجّل مكرّر «لأنّ المطلوب تكثيف الجهود والمساعي لتفادي الفراغ الذي بدأ يتسلل إلى المؤسسات الأمنية وربما غداً المؤسسات القضائية». ويشدّد على أن «المطلوب انتخاب رئيس للجمهورية وانتظام عمل المؤسسات وإجراء تعيينات ولكن إذا لم يحصل الأمر فلا يجوز ترك هذه المؤسسات لتقع بالفراغ». ويضيف «ربّما تمّ التغاضي وتسهيل الأمور في الأمن العام ولكن من يضمن أن تكون بهذه السلاسة في مواقع أخرى، خصوصاً ما يتعلق بالتوزيع الطائفي لهذه المواقع؟».
وتتقاطع الأسباب الموجبة لكل الاقتراحات حول عنوان المصلحة الوطنية العليا ودقّة المرحلة والظروف الراهنة وتعزيز المناعة الأمنية وتأمين الاستقرار في قيادة المؤسساتِ العسكرية والأمنية، والحفاظِ على هيبتِها والنأيِ بها عن مخاطرِ الفراغِ والتجاذباتِ والاجتهاداتِ.
ويرى نواب «الإعتدال» أنّ حلّ هذه الأزمة يكون من خلال السلّة الكاملة وليس بالحلول الترقيعية أو المخارج التي تعتمد الإستنسابية وتضرب مبدأ المساواة بين كل المؤسسات، ولا سيما منها العسكرية والأمنية.
في المحصّلة، فإنّ الثابت هو أنّ اقتراح «اللقاء الديموقراطي» أعدّ عندما اقتربت نهاية ولاية رئيس الأركان في الجيش وهو من حصّة الطائفة الدرزية، وكتلة «الجمهورية القوية» عدّلت موقفها من الحضور والمشاركة في جلسات التشريع عندما اقتربت نهاية ولاية قائد الجيش لأنّه من حصة الطائفة المارونية، وكتلة «الإعتدال» تتصرّف استباقياً لشمول اللاقتراح التمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي المحسوب على الطائفة السنيّة.
هكذا تقاطعت المصلحة الوطنية العليا وبتنا ننتظر نضوج التسوية بين أن يأتي القرار من الحكومة أو الذهاب إلى مجلس النواب وحسم الأمر.