رسالة أميركية مُستعجلة و”ورقة هوكشتاين”… ماذا بشأن الموقف اللبنانيّ؟

وضعت مصادر مطلعة على أجواء اللقاءات التي أجراها آموس هوكشتاين في بيروت في زيارته، في خانة الأهمية الإستثنائية، وتنطوي على رسالة اميركية مستعجلة تؤكّد لجميع الاطراف المعنيين بالجبهة الجنوبية «بأنّ واشنطن جدّية جدّاً في قولها بأنّها لا تريد ان ترى نار الحرب وقد تمدّدت الى جبهة لبنان الجنوبية».

وبحسب ما استخلصت المصادر من زيارة هوكشتاين، فإنّ واشنطن تشعر بقلق كبير من احتمالات تمدّد الحرب إلى جبهة لبنان ومنها الى ساحات اخرى، ما قد يضع المنطقة بأسرها امام احتمالات حربية لا حدود او ضوابط لها، ومن هنا فإنّها توزّع جهدها بين اتصالات مباشرة مع الجانب الاسرائيلي، وبين رسائل متتالية مع الجانب اللبناني بشكل مباشر، وكذلك مع اطراف اخرى عبر قنوات مختلفة.

على انّ الملاحظة البالغة الأهمية التي سجّلتها المصادر تجلّت في تبدّل واضح في النبرة الاميركية، حيث انتقلت واشنطن من التهديد العلني، لـ«حزب الله» بعدم إشعال جبهة الجنوب اللبناني والانخراط في هذه الحرب، كما جاء على لسان المتحدث باسم البيت الابيض ثم وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن وكذلك من مسؤولين كبار في البنتاغون، الى اعتماد الديبلوماسية الهادئة بإيفاد هوكشتاين الى بيروت حاملاً تطمينات وتحذيرات هادئة تصبّ في هدف إبقاء جبهة الجنوب باردة.

وعلمت «الجمهورية»، انّ هوكشتاين في المحادثات التي اجراها في الساعات الاخيرة لم يكن هجومياً تجاه اي طرف لبناني، بل انّه كان حريصاً في بداية هذه اللقاءات على ان يُبدي التضامن والتعاطف مع ذوي شهيدات المجزرة التي ارتكبتها اسرائيل على طريق عيترون – عيناتا، واللافت انّ هذا التعاطف، كان ملحوظاً في رأس قائمة بنود مدرجة في ورقة مكتوبة كان يحملها. كما اشار الى ما سمّاها الجهود التي تبذلها واشنطن لعدم توسّع رقعة الحرب في غزة، ولإجراء هدنات انسانية وتجنّب استهداف المدنيين.

وبحسب مصادر المعلومات الموثوقة، فإنّ مضمون الورقة المكتوبة التي حملها هوكشتاين، تتلخّص بما مفاده:

اولًا، انّ لبنان كان ولا يزال يشكّل أولوية بالنسبة الى الولايات المتحدة، ويهمّها الحفاظ على أمنه واستقراره.

ثانياً، انّ واشنطن تشعر بقلق جدّي من استمرار العمليات العسكرية على الحدود الجنوبية، والضرورة تقتضي توقفها والوقف الفوري لإطلاق النار.

ثالثاً، ضرورة الالتزام الكلي بالقرار 1701.

رابعاً، انّ واشنطن ترى انّ التصعيد على الحدود لا يصبّ في مصلحة لبنان، وانّ اسرائيل اكّدت انّها ليست راغبة في التصعيد على ما تعتبرها جبهتها الشمالية. (هذا البند فُسّر على انّه رسالة مباشرة من اسرائيل).

وعبّر الموفد الرئاسي الاميركي في سياق حديثه عن رغبة في ان يستأنف بعد الحرب، المهمّة التي سبق له ان بدأ بها، في ما خصّ حسم ما تبقّى من نقاط خلافية على الخط الازرق، والتي اكّد الجانب اللبناني على ان تشمل مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر.

وبحسب المعلومات الموثوقة، فإنّ الأجوبة التي تلقّاها هوكشتاين تمحورت حول ما مفاده:

اولاً، إدانة شديدة لحرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها اسرائيل في غزة، وينبغي العمل على كل المستويات الدولية لحمل اسرائيل على وقف فوري لاطلاق النار، ووقف المجازر والمذابح التي تستهدف المدنيين.

ثانياً، انّ لبنان ملتزم بالقرار 1701، الّا انّ اسرائيل خرقت هذا القرار آلاف المرات براً وبحراً وجواً على مرأى ومسمع العالم بأسره.

ثالثاً، انّ اسرائيل هي مصدر الخطر، وتواصل اعتداءاتها على الحدود، والمقاومة في موقع الدفاع والردّ على هذه الاعتداءات، والمطالبة بوقف اطلاق النار يجب الّا تُوجّه الى الجانب اللبناني، بل الى اسرائيل. فلا تطلبوا منا ان نوقف اطلاق النار، بل عليكم ان تردعوا اسرائيل.

رابعاً، انّ اسرائيل تحاول من خلال اعتداءاتها ان تستدرج لبنان الى حرب واسعة، من خلال توسيع رقعة اعتداءاتها الى المناطق الآهلة، وباستهدافاتها المتعمّدة للمدنيين، والشواهد كثيرة بقتل فتى في بلدة ياطر، وكذلك قتل فتيين راعيين للماشية، وقبل ذلك استهداف الصحافيين وقتل المصور الصحافي عصام عبدالله. وبعده استهداف سيارات الاسعاف وقصف سيارة تابعة لجمعية الرسالة الاسلامية، (يُشار هنا الى انّ اسرائيل وبعد قصف سيارة الاسعاف اتصلت باليونيفيل طالبةً نقل رسالة الى الجانب اللبناني تفيد بأنّ هذا القصف غير مقصود). وآخر جرائمها الفظيعة استهداف سيارة مدنية على طريق عيناتا ما ادّى الى استشهاد ثلاث فتيات بعمر الورد، وجدتّهن. وهذه الاعتداءات والجرائم لا يمكن ان تمرّ من دون ردّ عليها.

خامساً، انّ لبنان ليس في موقع المعتدي، ولم تبدر من جانبه اي اشارة حول رغبته في تصعيد الامور، وعلى ما أبلغ مسؤول كبير للموفد الرئاسي الاميركي، فإنّ ما ينبغي ان يكون معلوماً هو انّ هذه الامور إن تكرّرت، وحصلت امور مماثلة واستهدافات للمدنيين في اي مكان، فلا يمكن لنا ان نبقى مكتوفي الأيدي، ونقول بكل وضوح انّه لا يمكن لأحد أن يضمن الاّ تذهب الامور الى ما لا تُحمد عقباه.

Leave A Reply

Your email address will not be published.