التربية تتحضر للأسوأ: مدارس للإيواء والتعليم بالمراسلة
لا تخفي التربية قلقها من نزوح عدد كبير من التلامذة من المناطق الحدودية جراء ما يحدث من عمليات عسكرية وقصف إسرائيلي يطال قرى بعيدة ويتسبب بنزوح فاقت أعداده وفق المنظمة الدولية للهجرة الـ19 ألف شخص. وبينما لا يوجد إحصاء رسمي لبناني لأعداد النازحين يرجح متابعون أن يكون العدد أكبر بكثير من المتداول، باعتبار أن هناك أهالي تركوا منازلهم وانتقلوا إلى مناطق سكن بعيدة في بيروت وجبل لبنان. أما القلق في قطاع التربية فيٌستدل عليه من خلال ما يحدث في بعض مدارس الجنوب خصوصاً في صور، حيث لجأ نواب وقوى حزبية إلى إخراج التلامذة من ثلاث مدارس وحولوها إلى مراكز نزوح، وهو ما أدى إلى تعطيل الدراسة في مناطق تعتبر آمنة. وهذا الامر وحده مؤشر على ما يمكن أن تذهب إليه الامور في حال توسعت دائرة الحرب من فوضى في التعامل مع قضية النزوح وفي ما يتعلق باستمرار التعليم.
وفيما تتواصل الدراسة في المدارس والثانويات بمختلف المحافظات اللبنانية، تعيش التربية حالة استنفار لمواجهة التطورات إذا ما قرعت طبول الحرب، إذ أن السيناريو الأسوأ أو الأكثر تشاؤماً هو أن المدارس كلها ومؤسسات البلد قد تتحول إلى مراكز إيواء، لذا يصبح الهم الأساسي ليس في استمرار التدريس إنما بتأمين سلامة التلامذة والأولاد والأهالي، وهو أمر لا بد من الاستعداد كله من خلال خطة طوارئ لا يمكن لوزارة أو مؤسسة، ان تقوم بها، بل بتعاون الجميع لتمرير المرحلة الخطرة أو الكارثة المحتملة لعاصفة الحرب. وعلى هذا يجب أن تكون هناك جهوزية في مواجهة كل الاحتمالات، قبل أن تتقدم أطراف حزبية وتقرر في شأن النازحين، فتزيد من عمق الأزمة بدلاً من معالجتها.
في حالة النزوح الراهنة يمكن استيعاب تداعياتها أقله في ما يتعلق بالمدارس العاملة، إذ لا يجوز إقفال مدرسة وإخراج تلامذتها وتحويلها بقرار حزبي إلى مركز إيواء، فيما هناك مدارس رسمية هي في الأصل مقفلة بسبب تدني أعداد تلامذتها، والمثال موجود في منطقة صور بوجود ثلاث مدارس كان يمكن إيواء النازحين فيها، علماً أن بينهم عدد من السوريين. وهذا الامر نجح في منطقة حاصبيا والعرقوب، إذ فتحت التربية مدرسة مقفلة في مرج الزهور البعيدة عن الشريط لإيواء النازحين، وحتى إلحاق التلامذة بمدارس أخرى لاستكمال تعليمهم والاساتذة بمؤسسات في مناطق النزوح. وفي المعلومات أن وزارة التربية حددت 75 مدرسة مقفلة أو خارج التعليم يمكن أن تكون مراكز إيواء موقت إلى حين استتباب الأوضاع أو في حال اندلعت الحرب.
وبينما قرر وزير التربية عباس الحلبي إقفال المدارس الخاصة والرسمية في المناطق الحدودية، وتشكيل خلية أزمة في التربية، تبقى الأولوية لاستمرار التدريس في المناطق الآمنة، انطلاقاً من خطة طوارئ تتحسب لاي تطور. ومن الآن وبالتوازي مع قرارات التربية لا يمكن ترك الأمور للقوى الحزبية والهيئات الاهلية في إدارة ملف النزوح، إذ أن ذلك سيؤدي إلى الفوضى وتسرب وسيقضي على أي خطة لمواجهة تداعيات الحرب وإقفال المدارس. وحتى الآن لا حديث عن التوجه للتعليم عن بعد طالما أن المدارس غير جاهزة وهو خيار في الاصل لم يكن ناجحاً، خصوصاً وأنه يحتاج إلى إمكانات وكهرباء وإنترنت واتصالات هي غير متوافرة في الوضع الحالي، فكيف في زمن الحرب.
من المهم في إطار السعي للحفاظ على سلامة التلامذة أن تكون هناك خطط جاهزة للإجلاء والانتقال. هذا سيناريو تحسباً للاحتمالات، أما حالياً، فينبغي احتضان التلامذة والاساتذة النازحين كي لا يخسروا سنتهم الدراسية.