هل لبنان على جهوزية مدنية ولوجستية للحرب؟
وفي اليوم السابع على انطلاق عملية “طوفان الأقصى” واشتعال الحدود الجنوبية وسقوط عدد من الضحايا والإصابات ونزوح الأهالي من قرى الشريط الحدودي، اجتمعت حكومة تصريف الأعمال وأصدرت سلسلة مقررات من بينها البحث في إنشاء خلية لمواجهة تداعيات الحرب في ما لو وصلت إلى عمق الأراضي اللبنانية، وليتها بقيت في “نومة أهل الكهف”.
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أعلن صراحة أن لبنان في عين الحرب الدائرة في إسرائيل والمساعي حثيثة لإبقاء لبنان بعيدا عنها “وهمّنا الأساسي كحكومة أن يبقى الاستقرار في لبنان دائمًا، لكنّني لم أحصل على ضمانة من أحد لأنّ الظّروف متغيّرة باستمرار”.
وإذ لفت إلى أنّه “في الأيّام الثّلاثة الأولى من انطلاق عمليّة “طوفان الأقصى”، كان الجميع يطلب من “حزب الله” أن يضبط النّفس. لكن في الأيّام الثّلاثة الأخيرة، أكّدنا أن إسرائيل يجب أن تتوقّف عن استفزاز الحزب وأنا أقوم بواجبي كاملًا لحماية لبنان والدّولة اللّبنانيّة”. إلا أنّ “قرار السّلم والحرب ليس بيدي ولا بيد الحكومة، ولكنّني أقوم بمسعى مع كل الفاعليّات لعدم جرّ لبنان إلى الحرب”. بحسب ما أورد.
لكن ماذا لو انزلقت الحرب وتوسعت رقعتها؟ الإحتمال وارد واللبنانيون الذين لا حول ولا قوة لهم بدأوا يعدون العدة ويخزنون المواد الأولية من غذاء وأدوية وكأن ساعة الصفر على الأبواب؟ .
“الجهوزية معدومة” يقول العميد المتقاعد جورج نادر لـ”المركزية” “فعلى مستوى البنى التحتية المدنية لا توجد لدينا ملاجئ كبيرة مجهزة على غرار باقي الدول بحيث تكون الملاجئ المخصصة للحروب موزعة على الأحياء ومجهزة بنظام تهوئة وتدفئة. وإذا كانت هناك ثمة ملاجئ داخل الأبنية فهي حتما غير مجهزة لا بل إنها تشكل خطرا على المدنيين الذين سيختبئون فيها من حدة القصف لأنه في حال انهيار المبنى لا يوجد مخرج طوارئ.
أيضا على المستوى المدني لا توجد صفارات إنذار والمؤسسات الرسمية من شركات الكهرباء والسدود ومحطات المياه والجسور والمباني الرئيسية وقيادة الجيش معرضة للتدمير لأنها مكشوفة ولأننا لا نملك صواريخ مضادة للطائرات “.
باختصار مدنياً ولوجستياً لبنان أبعد ما يكون عن الجهوزية في حال اندلاع الحرب على أراضيه. حتى عسكرياً يقول نادر فإن قدرات الجيش اللبناني لا توازي القدرات العسكرية التي يملكها الجيش الإسرائيلي.هذا لا يعني أنه لن يقاتل في حال اندلاع الحرب، على العكس جيشنا يدافع بلحمه الحي دفاعا عن أرضه وشعبه”.
أن يقرّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بأن قرار السلم والحرب ليس بيده ولا بيد الحكومة فعلى الأقل ليكن بيد الرأي العام والشعب اللبناني الذي يرفض أن تكون أرضه ساحة مفتوحة لحروب الآخرين وأن يكون قرار الحرب في يد ميليشيا تعمل بأمرة دولة إقليمية. وفي السياق يسأل نادر” هل الرأي العام يريد هذه الحرب التي يهدد بها حزب الله؟ حتما لا لأنه يدرك أن الجهوزية معدومة والكلام عن إنشاء خلية أزمة هو بمثابة لزوم ما لا يلزم لأن لا سلطة لديها على القيام بأي شيء أو اتخاذ أي قرار. يضيف نادر بأنه لو كانت هناك دولة بمفهومها الوطني الصحيح لاتخذ أطيافها وأحزابها من معارضة وموالاة قرارا بالإجتماع وانتخبوا رئيسا للجمهورية ليصار بعده إلى تشكيل حكومة”. لكن فتشوا عن الدولة!
عسكريا، قد تكون المرة الأولى التي يمكن القول إن الإستراتيجية المعتمدة لجهة محاربة إسرائيل في عقر دارها صحيحة وليتهم اعتمدوها منذ البداية ووفروا على لبنان وشعبه كما باقي شعوب المنطقة الكثير من الخسائر وشعور العداء بسبب ما عانوه بدورهم من خسائر بشرية ودمار نتيجة الحروب التي شنها المقاتلون الفلسطينيون على أرض لبنان قبل انسحاب المقاتلين من أرضه.
وفي قراءة حول مدى توسع رقعة الحرب وإدخال لبنان في ساحاتها يعتبر نادر أن المسألة تتعلق بسلوك حزب الله “لكن حتى اللحظة يبدو أن كلا الطرفين أي إسرائيل وحزب الله ما زالا ملتزمين بقواعد الإشتباك المعمول بها منذ العام 2006″. وبحسب تقديراته فإن الحزب لن يتخطى هذه القواعد بسبب عدم وجود إجماع داخلي لإدخال لبنان في هذه الحرب المدمرة، أضف إلى أنه لا يوجد غطاء عربي لدخول الحزب فيها. أما على المستوى العالمي فالواضح أن إسرائيل تحظى بالدعم المعنوي والغطاء العسكري كاملا منذ بدء عملية طوفان الأقصى.
إذا وفي ظل هذه العزلة ستبقى قواعد الإشتباك تتحكم بمسار الحرب على أن لا تتعدى حدود القتال والمعارك على حدود الجبهة الشمالية لإسرائيل قواعد الردع المتبادل لإرضاء جمهور حزب الله. إلا إذا وجدت إيران أن مصالحها تستوجب إشعال الحرب في لبنان من خلال ذراعها الأقوى أي حزب الله” هنا لا يمكن الرهان على ما تقوله إيران وما يصدر عنها في الإعلام لأنه معلوم أنها تضمر عكس ما تفكر”يختم العميد نادر.