تشديد أميركي – فرنسي على منع تمدد الصراع إلى لبنان
لم يخرج موقف حكومة تصريف الاعمال، في جلسة مبتورة لمجلس الوزراء بفعل مضي الوزراء العونيين في المقاطعة على رغم الطابع المصيري للوضع الذي يملي اتخاذ قرارات استثنائية في مواجهة شبح حرب يخيم على لبنان، عما كان متوقعا لها ان تعلنه في سياق “الشكليات” التي تحفظ ماء وجه السلطة الرسمية. فاذا كان التضامن الحتمي مع الفلسطينيين في غزة في مواجهة آلة الدمار والقتل ال#إسرائيلية حتميا وبديهيا، فان تشديد الحكومة على التزام لبنان القرارات الدولية ولا سيما منها القرار 1701 الذي يترنح بخطورة امام ترددات الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة مهددة بانزلاق لبنان الى الحرب، اكتسب دلالات إيجابية “مبدئية ونظرية” اقله لجهة اعلان هذا الموقف الان بعدما شارفت تطورات الأيام الأخيرة من الجنوب وعبره وعليه ان تطيح المعادلة الأممية والأمنية والعسكرية التي يلحظها القرار 1701 منذ عام 2006 .
في اي حال ترددات اليوم السادس بعد “طوفان الأقصى” على لبنان انحسر معها التوتر نسبيا اذ لم تسجل تطورات امنية في الجنوب في حين تصاعدت معالم الديبلوماسية الساخنة المتصلة بالوضع على الحدود الجنوبية مع إسرائيل بحيث ازداد التركيز الأميركي على هذا الوضع، فيما استعد وزير الخارجية الإيراني ليحط رحاله اليوم في بيروت مع ما سيطلقه من مواقف في يوم الزحف التضامني الى الحدود الذي وجهت الدعوات اليه في كل دول الجوار. وبدا لافتا في السياق ما اعلنه وزير الدفاع الأميركي امس من “ان جيشنا لم ير أي حشد لقوات “حزب الله” على الحدود مع إسرائيل” .
تزامن ذلك مع بروز تشديد أميركي وفرنسي على تجنب تمدد الصراع الى لبنان . ذلك ان البيت الأبيض اعلن ان الولايات المتحدة تُراقِب “حزب الله” عن كثب ولا تُريد اتّساع رقعة الصراع . وبدوره الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اعلن في الكلمة التي القاها مساء ان “الأولوية هي لتجنّب تمدّد الصراع وبخاصة إلى لبنان”.
مجلس الوزراء
وفي اول جلسة لمجلس الوزراء منذ مدة طويلة لم يتبدل مشهد المقاطعة وواقعها مع امتناع الوزراء المحسوبين على “التيار الوطني الحر” عن الحضور بما فيهم وزير الخارجية عبدالله بو حبيب العائد من اجتماع مجلس وزراء جامعة الدول العربية في القاهرة وما اثير من انتقادات لموقفه خلاله من جانب الفريق “الممانع”. واضفت مشاركة قائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية في الجلسة طابع الاستنفار الرسمي للتطورات المرتقبة على كل المستويات. وعلم ان المناقشات تناولت الاحتمالات المطروحة لجهة تعرض المرافق العامة للقصف وتهديد الامدادات الحيوية فطلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من هيئة إدارة الكوارث الاجتماع ومحاكاة الاخطار المحتملة والخطط لمواجهتها مع الوزارات المعنية تحسبا لكل الاحتمالات .
واعلن ميقاتي في نهاية الجلسة الاتجاهات والقرارت معتبرا “إن لبنان في عين العاصفة، وما يجري على حدودنا الجنوبية يثير لدينا القلق العميق والاستنكار،لان مجمل الحوادث التي تجري على طول الخط الازرق، هي نتيجة للاستفزازات الاسرائيلية ولخرق العدو الاسرائيلي الدائم للقرار 1701”. وقال “إن مجلس الوزراء، ازاء ما تشهده غزة من إبادة منظمة تطال الاطفال والمدنيين وما تتعرض له الأحياء السكنية من تدمير وحشي ممنهج، يدين بشدة هذه الأفعال الجرمية التي يقترفها العدو الاسرائيلي، ويسكت عنها المجتمع الدولي . كما يؤكد المجلس إنتصاره للمظلوم، وتضامنه مع الشعب الفلسطيني في نضاله، وحقه في الحياة وأرضه وكرامته الأنسانية… إنني أدعو القوى الفاعلة في المجتمع الدولي ، بما في ذلك مجلس الامن الدولي،الى تحمل مسؤولياتها والضغط لوقف اطلاق النار في غزة، والبدء بمفاوضات تؤدي الى وقف دوامة العنف وعودة الهدوء. وبالتوازي يجب العمل على تنفيذ مبادرة السلام العربية التي اقرت في القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002 كخارطة طريق وحيدة لاحلال السلام واعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة “. واعلن “إن لبنان، الذي يلتزم بتطبيق القرارات الدولية،وخصوصا القرار 1701، يشدد في هذه المرحلة العصيبة على دور الجيش في حماية الامن والاستقرار وعلى التعاون الوثيق بين الجيش وقوات اليونيفيل، وضرورة الاستقرار الامني، مع التأكيد إن قضية الشعب الفلسطيني العادلة هي في وجدان كل لبناني وعربي وكل إنسان يؤمن بالحق. وقد اجتمعت مع وزير الخارجية الذي أطلعني على اجواء اجتماعات جامعة الدول العربية وحرص الدول العربية على لبنان والاستقرار فيه.كما طلبت من معالي الوزير تقديم شكوى عاجلة الى مجلس الأمن الدولي ضد اسرائيل على خلفية اعتداءاتها المتكررة ضد لبنان”. وكشف انه في الجلسة التي شارك فيها القادة الامنيون، “طلبنا من جميع المعنيين ان يكونوا على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ، ودعم الجهود التي تبذلها الحكومة لتجنيب لبنان تداعيات ما يحصل والمحافظة على الامن وتأمين سلامة المواطنين وتوفير احتياجاتهم اليومية. كما شددنا على قيادة الجيش وقادة الأجهزة الأمنية بضرورة تفعيل الاجراءات المتخذة منعا لأي اخلال او استغلال للأوضاع. كما طلبنا من هيئة ادارة الكوارث عقد اجتماع طارئ واجراء المحاكاة اللازمة لمواجهة الازمة.”
ورد ميقاتي على مقاطعي الجلسة بقوله “ان المقاطعة لم تعد مجدية، بدليل أن الاحداث تجاوزتها وباتت تفرض رص الصفوف والتعاون لتجاوز الصعوبات الحالية والداهمة ومواجهة التحديات الراهنة. وفي السياق ذاته ،بعد أن كرس المجلس الدستوري بموجب قراره رقم ٦ تاريخ ٣٠-٥-٢٠٢٣ دستورية جلسات مجلس الوزراء وقانونية الآلية المعتمدة لاتخاذ المقررات وإصدار المراسيم، ها هو مجلس القضايا في مجلس شورى الدولة، أعلى مرجع قضائي إداري، يقرر اليوم رد الطعون المقدمة من بعض الوزراء المقاطعين، ما من شأنه ان يحصن دستوريا وقانونياً كل مقررات حكومة تصريف الاعمال. فإلى متى المكابرة من غير طائل ودون فائدة والمركب مهدد بالغرق في كل يوم وكل لحظة”.
ويزور بيروت اليوم وزير الخارجية الإيراني حسين عبد امير عبد اللهيان ويبدأ جولته بلقاء الرئيس ميقاتي في التاسعة صباحا ثم يزور وزير الخارجية عبد الله بو حبيب في العاشرة على ان يعقدا مؤتمرا صحافيا مشتركا على الأثر .
وفي المواقف السياسية الداخلية أكّد نواب قوى المعارضة، في بيان امس ، أنّ “سيادة لبنان خط أحمر ولا يملك أي فريق على الأراضي اللبنانية وتحديداً حزب الله الحق في زجّ البلد في حروب لا قدرة له على تحمّل تبعاتها”. ولفت الى ان “لبنان كان ولا يزال من أكبر الداعمين لقضية الشعب الفلسطيني، ولطالما دفع الاثمان لأجلها. ولكن لا يعني ذلك أبدا القبول باستباحة قرار لبنان وسيادته كي يحقق محور الممانعة، الذي يتاجر بالقضية الفلسطينية من الاراضي العربية وبدماء الشباب العربي، مآربه في بسط نفوذه على المنطقة. إن هشاشة الوضع في لبنان نتيجة ما يمر به من أزمات سياسية واقتصادية ومالية تحتم على الجميع السعي إلى الحفاظ على سيادة لبنان ومن هذا المنطلق يشدد نواب قوى المعارضة على ضرورة تحصين الداخل عبر المسارعة الى انتخاب رئيس للجمهورية يجمع اللبنانيين حول مشروع الدولة، ويمنع زج لبنان في حروب من قبل قوى خارجة عن الشرعية ويعيد تكوين السلطة القادرة على مواجهة التحديات”.
في الوضع الميداني ساد الهدوء الحذر امس المناطق الحدودية الجنوبية وأعلن قائد قوة “اليونيفيل” اللواء أرولدو لاثارو انه “على الرغم من الأحداث المثيرة للقلق في الأيام الماضية، فإن الوضع في منطقة عمليات “اليونيفيل” لا يزال مستقرا، ولكنه متقلب. ومن حسن الحظ أن تبادل إطلاق النار بين الأراضي اللبنانية وإسرائيل لم يتصاعد إلى نزاع”. أضاف “إن حفظة السلام التابعين لنا يظلون في مواقعهم ويقومون بمهامهم. وقد قمنا بزيادة الدوريات والأنشطة الأخرى للحفاظ على الاستقرار، ونقوم بتنسيق هذا العمل مع القوات المسلحة اللبنانية”.واكد “لقد عملنا بنشاط مع السلطات على جانبي الخط الأزرق لتهدئة الوضع وتجنب سوء الفهم. ويواصل حفظة السلام عملهم الأساسي. هدفنا الرئيسي هو المساعدة على تجنب المواجهة بين لبنان وإسرائيل، وأي حدث يجعل النزاع أقرب هو مصدر قلق، ونحن نعمل على مدار الساعة لضمان عدم حدوث ذلك”.
ومساء سمعت انفجارات تبين انها ناتجة عن انفجار 3 صواريخ باتريوت فوق الأراضي اللبنانية من سهل الخيام مرجعيون مقابل المستعمرة سبقها انطلاق صافرات الإنذار.