الملف الرئاسي من الجمود قبل «طوفان الأقصى» إلى التراجع
إذا كان ملف الرئاسة قبل احداث غزة والجنوب في فترة عدم استقرار، فمن الطبيعي أن يصبح في خضم التطورات الجديدة في سبات عميق. فهذا الملف الذي تتولى المجموعة الخمس متابعته من خلال مساعٍ قطرية لم يخطُ نحو أي تقدم، لكنه في المقابل كان متحركا في بعض الفترات. وها هو اليوم يسجل تراجعا بفعل ما استجد ولعله لن يتحرك قريبا إلا من ضمن ضغوط معينة مجهولة الأسباب.
صحيح أن التركيز قائم على رصد ما بعد «طوفان الأقصى» وحوادث الجنوب، إلا أن التأخير المتمادي في ملف الإستحقاق الرئاسي قد يدفع بأفرقاء في الداخل في الفترة المقبلة إلى السؤال عن مصيره بعدما كان الموفد القطري ابو فهد جاسم آل ثاني قد بدأ بالبحث في الخيار الرئاسي الثالث مع القوى السياسية محاولا تعزيزه للخروج من ازمة الترشيحات الراهنة وإنهاء الشغور، وكانت قد ترددت معلومات مفادها أن المسعى الراهن كاد أن ينتقل إلى مرحلة توسعية من البحث حتى لو لم تكن النتائج كما يتوخى البعض. ماذا عن الوقائع الجديدة في هذا الملف؟ وهل من اتصالات جديدة، ام أنه في دائرة التأجيل أكثر من أي وقت مضى نظرا للتطورات ؟
المؤكد أن لا حديث رئاسيا في الوقت الحالي حتى أنه غاب عن التداول الإعلامي والمواقف السياسية ومن المتوقع أن يستمر الأمر على هذا المنوال لحين جلاء المشهد بالأحداث الأخيرة ولاسيما على الساحة الجنوبية.
وتعرب مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» عن اعتقادها ان هذا الملف سيعود إلى دائرة الضوء مجرد أن تكتمل المعطيات بشأنه لاسيما أنه لم ينطوِ منذ الأساس على أية إيجابيات يمكن البناء عليها، كما أن المساعي اتسمت بالفشل ولم تحضر على الساحة إلا محاولة قطرية لا تزال في بداياتها لاسيما أنها قائمة على تزخيم ترشيح ثالث وطرح أسماء ولمن يستفسر عما آلت إليه الأمور فيجد نفسه أمام جواب واحد يتصل بتعليق آني لأي جهد في هذا الملف، اما العودة إليه فتتم في التوقيت المناسب وهناك أكثر من سيناريو إما تعجل التطورات في الانتخابات الرئاسية أو تؤخرها وكله متوقف على جملة معطيات، معلنة أن الحديث في الملف الرئاسي كما يجب سينطلق بعد بلورة هذه المعطيات التي باتت تتصل بالارض وتحديدا في الجنوب وما يمكن أن يستجد بعد ذلك.
وترى هذه المصادر أن المعارضة قالت كلمتها بشأن دخول حزب الله على خط هذه التطورات ورفضها زج لبنان في مغامرة جديدة، وهذا يعزز التأكيد على إصرارها المواجهة في موضوع الرئاسة وممانعتها أي خيار يدعمه الثنائي الذي يتمسك أكثر من ذي قبل بمرشحه رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية وتقول إن انشغال الحزب بأحداث الجنوب وغزة لن يمكنه من اعارة الملف الرئاسي أي أهمية أو التفكير بالتراجع عما يعتبره من الثوابت في الخيارات الرئاسية التي سبق وأن تحدث واستفاض في الشرح عنها، في حين أن المعارضة لا تزال عند رأيها القائل أن قوى الممانعة لا ترغب في أية انتخابات، وتعتبر ان أولى اختبارات هذه القوى مسألة استبعاد مرشحها والتفكير بالخيار الثالث وهذه مسألة لا يزال الكلام عنها مبكرا بفعل أولويات الحزب راهنا.
من جهة ثانية، تؤكد أن ما خرج عن مجلس الوزراء هو أقصى ما يمكن الوصول إليه في مواكبة التطورات بعد الانتقادات التي طالتها على أن الرئيس ميقاتي الذي تحدث باسم المجلس شدد على موضوع ضبط النفس، وهذا ما يعكس وجهة نظر عدد من الوزراء وفق المصادر نفسها التي أعلنت أن الحكومة ستواصل متابعة التطورات وعندما يلزم الأمر ستدعو إلى اجتماع استثنائي.على أن تبقى لغة التضامن قائمة قدر الإمكان ومن هنا جاءت الدعوة لإنهاء المقاطعة الوزارية التي لم تعد مجدية.
بات الملف الرئاسي أكثر من مجمد وليس مبالغة في القول أنه رحل إلى أجل غير مسمى في انتظار أي تطور يعجل في المباحثات والاتصالات الخارجية والداخلية توصلا إلى إتمام الاستحقاق.