بُشرى صحيّة… وما يُحضَّر لكانون الأوّل
ساهَمت الأزمة الاقتصادية والمعيشيّة بهجرة عددٍ كبيرٍ من العاملين في القطاع الطبّي في لبنان وخصوصاً الأطباء، إذ ترك بعضهم العيادات والمرضى بحثاً عن وطنٍ آخر يعيشُ فيه الطبيب بكرامة مع أفراد عائلته.
إلا أن المفاجأة الإيجابيّة كانت بإعلان نقيب الأطباء البروفسّور يوسف بخّاش من السراي الحكومي أنّ عدداً كبيراً من الأطباء الذين هاجروا قد عادوا الى لبنان أخيراً. وحلّ الخبرُ كشعلة أمل صغيرة وسط عتمة الأزمة التي لا تزال تلقي بظلالها على مختلف القطاعات في لبنان. فما أسباب هذه العودة؟ وكيف يُمكن الحفاظ على خيرة العاملين في القطاع الطبي في لبنان؟ وما دور النقابة؟
ردّاً على هذه الأسئلة، يؤكّد بخّاش أنّ “3500 طبيب غادروا لبنان على دفعات ومراحل لأسباب عدّة كالأزمة الاقتصادية، وانفجار بيروت، وعدم الثقة في غياب رئيس للجمهورية وغيرها من الأسباب الأخرى، إلا أنّ المفارقة كانت بعودة زهاء 30 في المئة من الذين هاجروا”، مُفنّداً أسباب هذه العودة عبر موقعmtv: “تأقلُم القطاع الخاص مع الوضع المالي وأزمة الدولار على عكس القطاع العام الذي لا يزال يُعاني هو سببٌ رئيسيّ في عودة عدد من هؤلاء الأطباء، فضلاً عن الجهد الكبير للنقابة في تنظيم العلاقة بين الأطباء وشركات التأمين إذ أبرمنا اتفاقيّة مُباشرة مع هذه الشّركات لجهة دفع بدل أتعاب الطبيب خلال 3 أشهر بالدّولار “الفريش”، وستصلُ نسبة التغطية بالدّولار الى 100 في المئة في بداية السنة الجديدة والى 105 في المئة في الـ2025، مع الإشارة الى أنّ هكذا اتفاقية تحصل لأوّل مرّة في تاريخ النقابة ما انعكس ارتياحاً في صفوف الأطباء”، ويُردف: “أضف الى ذلك معاناة بعض الأطباء من صعوبة التأقلم في الخارج حيث التحدّيات كبيرة أيضاً، فضلاً عن أسباب أخرى كالبُعد عن العائلة وعن المرضى في لبنان”.
وفي سيّاقٍ متّصل، يشدّد نقيب الأطباء على أنّ “الكثير من الأطباء الآخرين ينتظرون صدمة إيجابيّة في لبنان على صعيد المؤسّسات تحثّهم على العودة إليه”، جازماً أنّ “مستشفياتنا تقدّم الخدمات الصحيّة بنفس الجودة والنوعيّة كما قبل الأزمة”.
ويتطرّق بخّاش الى التحضيرات الجارية على قدمٍ وساق “لمؤتمر تنظيم السياحة الطبيّة في لبنان في شهر كانون الأوّل المُقبل بالتعاون مع مختلف نقابات المهن الصحيّة الـ12 ومع 6 وزارات معنيّة بهذا الملف وشركات التأمين”، مشيراً الى أنّ “الهدف الأساسي لهذا المؤتمر بالإضافة الى تنظيم العمل في هذا القطاع، هو حثّ المزيد من الأطباء على العودة وخلق فُرص عملٍ جديدة، فضلاً عن إفساح المجال أمام شركات التأمين لتشجيع المرضى في الخارج على القدوم الى لبنان لتلقّي أفضل الخدمات الطبيّة هنا”، ويختُم بالقول: “ننظر الى الأمور الإيجابيّة دائماً رغم كلّ ما يحصل من حولنا، والطبّ في لبنان لا يزالُ بألف خيرٍ”.
أطباء لبنان يعودون تباعاً، أبطالٌ بـ”الروب” الأبيض ينتظرهم مرضاهم وعياداتهم وبلدهم الذي، كالمريض، يسأل عن طبيبه ويهمسُ له قائلاً: “لا تتركني، أنا بأمسّ الحاجة إليك…”