هل يتقدم لبنان بشكوى إذا ثبت استعمال إسرائيل لها؟
أطلقت اسرائيل مرتين هذا الاسبوع قذائف صاروخية حارقة قيل إنها فوسفورية استهدفت بلدات في الجنوب محاذية للشريط الحدودي. الاولى الثلثاء سقطت في سهل بلدة الماري وأحدثت دخاناً ابيض كثيفاً عند انفجارها اندلعت على اثرها النيران في الارجاء الخضراء. والمرة الثانية أمس، استهدفت القذائف مرتفعات الضهيرة ومروحين وأم التوت. وشوهدت النيران أيضا في بعض هذه الاماكن تندلع وسط كتلة دائرية كثيفة من الدخان الابيض. ويؤكد العميد الركن المتقاعد في الجيش أمين حطيط لـ”النهار” ان “هذه القذائف حارقة، ويتوقع ان تكون قذائف فوسفورية”.
هذه القذائف الحارقة التي لا تزال نسبيا بعيدة من منازل البلدات الجنوبية المستهدفة من شأنها ان تترك أثراً كبيراً على الارض نظراً الى مفعولها في انتشار الحرائق الناجمة عن سقوطها. وعلمياً، صُنعت القنابل الفوسفورية لتُستعمل عادة في المساحات الخضراء والوعر خلال الحروب لأهداف عسكرية ولقدرتها على الاشتعال سريعا بتفاعلها مع الاوكسيجين. وسبق للفوسفور الابيض ان استُخدم في الحربين العالميتين الاولى والثانية وحربي فيتنام والعراق عامي 2004 و2017 من قوات التحالف واميركا وفي حرب سوريا، وكذلك من اسرائيل على قطاع غزة.
ويفسر حطيط الهدف من رمي هذه القذائف “لإحراق الغابات وكشف الاراضي امام الطيران بقصد إذية عناصر مسلحة في حال وجودها في هذه الاراضي أو لإخلائهم منها منعاً لتشكيلهم تهديدا. وتحمل هذه القذائف ضررا على البيئة بإحراق الغابات، وكذلك ضررا على الانسان في حال كانت فوسفور ابيض، ويتوقع ان تكون من هذا النوع”. ويضيف: “يؤدي استنشاق دخانها الى الاختناق بسبب الغازات المكثفة التي تنتج منها”. ونصح حطيط المواطنين “بعدم الاقتراب من مكان الحرائق والابتعاد عنها قدر الامكان، والافساح في المجال امام الدفاع المدني للعمل على إخمادها، كونه يعرف كيف يتعامل مع الوضع”. ولفت الى ان “الفوسفور الابيض محظر استعماله دوليا لأنه يمس بالإنسان والبيئة ويصنَّف بأنه سلاح دمار شبه شامل. واستعماله يخالف اتفاق جنيف لعام 1980″، داعياً الحكومة الى تقديم شكوى لمجلس الامن بقصف مناطق لبنانية محررة واستعمال اسلحة محظرة دوليا. وطمأن الى ان اربع جهات تتولى التعامل مع هذه الحرائق من جيش لبناني وقوات “يونيفيل” والدفاع المدني يقوم بوظيفته والمقاومة بما تمتلكه للدفاع عن لبنان، من دون اغفال دور السكان في اتخاذ الحيطة والحذر وارتداء الماسك المفلتر بالنسبة الى الذين هم على مسافة تبعد نصف كيلومتر الى كيلومتر عن هذه الحرائق تلافياً لأذية مجرى التنفس في شكل أكيد، داعياً الى “التضامن الشعبي والرسمي والعسكري لأننا نمر في ايام صعبة وحرجة”. ويرى ان من شأن هذا “التضامن ان يضفي على لبنان قوة. وهذه القوة لازمة عند الانزلاقات الخطيرة لنجاة لبنان”. واستبعد حطيط تطور الامور عسكريا في الجنوب جراء تبادل القذائف والصواريخ، وقال “إن ثمة تقيداً صارماً بقواعد الاشتباك من الطرفين، وما يحصل حتى الآن لا يخرج عن المألوف في مواجهة العدو وفقا لطبيعة الاشتباك الناظمة منذ عام 2006 سواء على الجبهة مع فلسطين المحتلة أو مع سوريا أو اسرائيل. لذا استبعد حتى الآن الانفجار والانزلاق”.
ويندرج حظر استخدام الفوسفور الابيض في بروتوكول الاسلحة الحارقة الملحق باتفاق جنيف الذي وُضع عام 1980. فقد حظر هذا البروتوكول صراحة استخدام السلاح الحارق ضد المدنيين. كما حظر القانون الدولي الانساني في بروتوكول عام 1977 استخدام اساليب ووسائل القتال التي تلحق الضرر البالغ بالبيئة الطبيعية، في حين ان الفوسفور، الذي ينتج مواد كيميائية سامة بتفاعله مع الاوكسيجين، من شأنه ان يسبب تلوث التربة والهواء ويدمر النبات والحيوان.