تعيين رئيس الأركان في الجيش بين الرغبة والخلافات السياسية المستعصية

يعيش لبنان أزمات مستعصية بالجملة والمفرّق، فيما أجواء الحرب تزنّر الساحة الداخلية لا بل الجنوب على فوهة بركان وكل الإحتمالات تنحو باتجاه الأسوأ… من هنا السؤال الكبير وأمام “طوفان الأقصى”: علامَ سترسو مسألة وضع قائد الجيش وشغور رئاسة الأركان مع اقتراب تقاعد العماد جوزف عون؟ هل نتجه نحو التمديد لمقتضيات المرحلة ودقتها وخصوصاً أمنياً، أم سنشهد فصلاً جديداً على غرار ما حصل مع المدير العام للأمن العام السابق اللواء عباس إبرهيم، والامر عينه لحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة؟ وبمعنى أوضح ربما قُطعت طريق التمديد لكليهما تجنباً للتمديد لقائد الجيش لعدم وصوله إلى رئاسة الجمهورية بعد أن يخلع البزة العسكرية، في وقت أن رئاسة الأركان شهدت مداً وجزراً ولم تتمكن القيادات الدرزية من التمديد أيضاً للواء أمين العرم أو الوصول إلى تعيين رئيس جديد للأركان علماً أن ثمة أسماء مطروحة لهذا المنصب، وذلك يصطدم بعقبات سياسية وخلافات وتصفية حسابات، مع الإشارة الى أنه في حال انتهاء ولاية قائد الجيش يتولى عندئذٍ رئيس الأركان حكماً القيادة وفق النظام الداخلي المتّبع، ويعود قرار تعيينه الى وزير الدفاع موريس سليم، الذي يرفض ذلك باعتباره ينتمي سياسياً الى “#التيار الوطني الحر” الذي بدوره يقف عائقاً أمام التعيين. ووفق المتابعة والمواكبة لهذا المعطى تكثفت الاتصالات والمشاورات على خط التيار والحزب التقدمي الإشتراكي ونواب “اللقاء الديموقراطي”، ونُقل أن لقاءً قد يُعقد بين النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس التيار النائب جبران باسيل لحلحلة هذه العقدة، مع التذكير بأن قائد الجيش قال أمام بعض نواب “اللقاء الديموقراطي” ان “لا مشكلة لديه في تعيين رئيسٍ للأركان، والكرة في ملعب وزير الدفاع”.

من هذا المنطلق، ثمة ترابط في كل الملفات السياسية والأمنية، وهذا ما يؤدي إلى وضع قيادة الجيش ورئاسة الأركان على الرفّ، في انتظار الظروف المؤاتية. ويستشفّ بما لا يقبل الإجتهادات، أن الخلافات السياسية وحالة الإنقسام العمودي بين المكونات المحلية ولعبة المصالح تعوق كل ما يتعلق بالمجلس العسكري، وبعض المتابعين لما يجري في هذا السياق، يرى ان ليس ثمة إيجابيات قبل انتخاب الرئيس العتيد، أما إذا حصل ما يشبه التنازلات والمحاصصات أو “التمريقات” والمصالح، فعندئذ تُحل المشكلة بثوان معدودة، من دون إغفال أهمية عدم الوصول الى فراغ في قيادة الجيش في حال لم يُمدد للقائد، إذ يتسلم أعلى ضابط رتبة القيادة، وعندها تكون سابقة لم تحدث في أي محطة وفي الأزمات والحروب التي مرت على البلد.

وعُلم أخيرا أن حلحلة بدأت تظهر معالمها على خلفية اتصالات هادئة يتولاها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع المعنيين بغية الخروج من هذا النفق، لاسيما أن دقة المرحلة وتحديداً بعد حرب غزة، ترخي بظلالها على لبنان، فكيف الحال على الواقع الأمني وقيادة الجيش المنهكة في ظل التطورات المتسارعة في الداخل والخارج؟

على خط الاتصالات الجارية والدور الذي يقوم به ميقاتي، يقول النائب السابق والمقرب منه علي درويش لـ”النهار” إن “ثمة رغبة تظهر في الكواليس لتعيين رئيس للأركان، ولا شك في أن رئيس الحكومة يقوم بدور مفصلي في هذا السياق، ولكن لا يخفى ان هناك خلفيات سياسية حول هذه المسألة وموانع من المعنيين ما يستوجب توافقا سياسيا، وقد يحصل التعيين في اللحظات الأخيرة وربما قبل أسبوع من شغور قيادة الجيش عندما تحين اللحظة المؤاتية”، لافتاً إلى أن ميقاتي يجري اتصالات مع الجهات المعنية “كي لا نصل إلى تعيين ضابط أعلى رتبة من المجلس العسكري ليتولى قيادة الجيش”.

هل يعني ذلك أن التمديد قُطع على قائد الجيش؟ يردّ درويش: “ثمة صعوبة واضحة لأن السوابق مع كل من اللواء عباس ابرهيم وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تقطع الطريق على قائد الجيش من دون أن نلغي هذا الإحتمال في ظل التطورات الراهنة من خلال حرب غزة، وما يجري في الجنوب إنما هو احتمال لا أكثر”.

ويخلص الى أن “تعيين رئيس للأركان هو مدار تواصل بين الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، والامر بحاجة الى قرار من مجلس الوزراء وتحديداً ثلثي الأصوات، وسننتظر ونترقب إلى أين ستصل هذه الاتصالات وما سينتج عن مجلس الوزراء”.

Leave A Reply

Your email address will not be published.