الضهيرة خطّ تماس… واشتباك مباشر
لليوم الثالث على التوالي، تتعرّض بلدة الضهيرة الحدودية في قضاء صور لقصف اسرائيلي مباشر، طال أحياء عدّة ومسجداً، وأدّى إلى سقوط ثلاثة جرحى وصفت حالهم بالطفيفة، عملت سيارات الإسعاف التابعة للصليب الأحمر اللبناني والرسالة الصحّية على نقلهم إلى مستشفيات صور.
هي المرة الأولى ربما التي تشهد فيها البلدة مواجهات واشتباكات مباشرة بالأسلحة النارية، بين عناصر من «حزب الله» وجنود اسرائيليين من مسافة 4 إلى 5 أمتار، فموقع الضهيرة الحدوديّ جعلها خط تماس.
للمرة الثالثة في غضون ثلاثة أيام تُقصف البلدة، هذه المرة بالمباشر جاءت الإصابات، واستخدمت اسرائيل القذائف الفوسفورية الحارقة وطالت الضهيرة الفوقا القريبة مباشرة من الحدود فدمّرت منازل معظم سكانها.
فالبلدة تقسم إلى قسمين الضهيرة الفوقا والضهيرة التحتا، الفوقا نزح كل سكانها وتحديداً الأطفال والنساء وكبار السنّ، بعد تدمير عدد كبير من منازلها وتحديداً حي آل فَنش، واصابة مسجد أهل القرآن فيها.
على بعد أمتار قليلة يقع موقع الضهيرة، وقد تعرّض صباح الأربعاء لهجوم صاروخي وناري من قبل «حزب الله»، أصابه مباشرة، حيث سمع صراخ الجنود إلى داخل البلدة، حسبما أشار رئيس بلدية الضهيرة عبد الله السالم، لافتاً إلى أنّ البلدة شهدت اشتباكات مباشرة مدة ساعتين، وتخللها اطلاق قذائف فوسفورية محرّمة دولياً، و»وصل القصف الفوسفوري إلى يارين المحاذية لنا، وأحرقت مساحات واسعة من حقول الزيتون».
الضهيرة كانت قبل العام 1957 بلدة واحدة مع بلدة جردية الواقعة حالياً داخل الأراضي المحتلة، ومع ترسيم الحدود حينها قسّمت وصار ثلث أراضيها داخل الأراضي اللبنانية والثلثان داخل فلسطين المحتلة، وبعد عام 2000 غيّر الاسرائيلي اسمها إلى عرب العرامشة وأبعدها مسافة 1000 متر عن الشريط الحدودي لمنع تواصل سكان البلدة في ما بينهم.
وفق السالم «سكان الضهيرة هم من عرب البدو، كانت علاقتهم وطيدة مع عرب فلسطين، ومنها اخذوا اللهجة الفلسطينية، ويعدّون القضية الفلسطينية قضيتهم».
منذ الإثنين تعيش البلدة حالاً من التوتر جرّاء التصعيد الحاصل، ما دفع بسكانها وتحديداً الضهيرة الفوقا للنزوح نحو صور، على ما يقول السالم، لافتاً الى أنّ الهدوء الحذر يسيطر على البلدة التي تحولّت خط تماس.
لا تهدأ حركة طائرات التجسس الاسرائيلي فوق البلدة، وقد خرج أهلها لمعاينة آثار القصف الصباحي، طواقم الإسعاف الصحي تنتشر في ارجائها عاملة على إجلاء كبار السن والنساء والأطفال. في أحد الأحياء المدمّرة يعاين أبناء البلدة الدمار، يلتقطون الصور يؤكدون أنهم «لن يتخلوا عن بلدتهم وباقون فيها». يشير محمد وهو أحد أبناء الضهيرة الفوقا إلى منازل متاخمة للحدود، يقول: «هناك أصيبت إحدى السيدات وبقيت أكثر من ساعة حتى تمكّنت فرق الاسعاف من إنقاذها بسبب شدّة القصف، لكن اصابتها طفيفة».
وأوضح مسؤول «وحدة ادارة الكوارث في الدفاع المدني في الرسالة الاسلامية» موسى شعلان أنّ «فرق الاسعاف تعمل على إجلاء سكان البلدة الذين لا يملكون سيارات، وتحديداً من المنازل المحاذية للحدود، ونقلهم الى أماكن إيواء في صور». وتحدّث عن استحداث مركزين للايواء، مركز في مدرسة رسمية وآخر في معهد في صور، «ونركّز على نقل ذوي الحاجات الخاصة وكبار السنّ والأطفال والنساء»، واشار الى لجوء أكثر من 500 شخص إلى هذه المراكز في صور والعدد مرشّح للارتفاع بتزايد التوتر، مردّداً عبارة «حياتنا على كفّنا، فالطواقم الصحية معرّضة للخطر». تعيش الضهيرة، كما يارين وكل القرى القريبة من الحدود حالة من التوتر القلق والحذر، وسط حركة نزوح لافتة، وإن اقتصرت على الميسورين فقط، في حين أغلقت المدارس أبوابها إلى حين اتضاح الصورة.
لا شك في أن حديث الحرب يشغل بال الجنوبيين، كما كل اللبنانيين، شريحة واسعة ترى أننا «نعيش حرباً اقتصادية فلن تؤثر علينا الحرب العسكرية»، والبعض فضّل الترقب، في كل الحالات العين على ما بعد درجات التصعيد، فهل نحن مقبلون على حرب؟