المقاومة على جهوزية تامة لدخول المعركة.. و«طوفان الأقصى» قد يتكرّر في الجليل
بما انه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، فانه من الطبيعي في ضوء ما يحصل بعد عملية «طوفان الأقصى» أن تتراجع الاهتمامات بكل الملفات الداخلية وعلى وجه الخصوص الاستحقاق الرئاسي، كون ان لبنان معني أكثر من غيره بما يجري في فلسطين ان لناحية العدوان الإسرائيلي على غزة وما يلحقه من جرائم ودمار، أو لناحية تأكيد المقاومة في لبنان بأنها لن تترك غزة وحيدة في هذه المعركة، هذا الى جانب انشغال الخارج بما يجري في فلسطين وبالتالي لا يعود الملف اللبناني أولوية إلّا لناحية السعي فقط لتهدئة الأمور الميدانية والحؤول دون توسعة إطار المعركة لتشمل لبنان.
وبما ان الوضع كذلك فانه غاب في الأيام الماضية أي حديث داخلي أو خارجي عن الاستحقاق الرئاسي، حتى ان أي موعدا لم يحدّد لمجيء الموفد الفرنسي أو القطري الى لبنان كما كان مقررا قبل السبت الفائت موعد تنفيذ حركة حماس عملياتها النوعية في المستوطنات الإسرائيلية وصولا الى تل أبيب، وان الكلام يتركز في الداخل اللبناني وبين بعض العواصم الدولية والمسؤولين اللبنانيين هو عن الوضع في غزة وإمكانية أن تتدحرج المعركة الى لبنان بعد الذي حصل في الساعات الماضية والذي أعطى مؤشرات واضحة عن إمكانية أن تتوسع المعركة لتشمل لبنان ولا سيما ان «حزب الله» هو الآن على جهوزية تامة لمواجهة أي مستجد، ولا سيما ان المعلومات المؤكدة تشير الى ان المقاومة ستدخل المعركة مباشرة في حال تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمر لناحية القيام بهجوم بري على قطاع غزة وارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني.
وتؤكد المعلومات بأن قيادة المقاومة ومنذ اليوم الأول لبدء عملية «طوفان الأقصى» بدأت بدرس كل الاحتمالات التي قد تطرأ نتيجة هذه العملية وهي تراقب ويدها على الزناد كل شاردة وواردة تحصل في فلسطين ميدانيا وسياسيا لكي تبني على الشيء مقتضاه من منطلق توحيد ساحات المقاومة وعدم ترك قوى المقاومة الفلسطينية وحيدين في هذه المعركة التاريخية التي من شأنها ان تقلب المشهد في المنطقة رأساً على عقب.
وتؤكد المعلومات ان الضربات التي وجهتها المقاومة عن طريق الصواريخ الموجهة التي استهدفت مواقع إسرائيلية ردّا على استهداف مواقع للمقاومة هو عيّنة بسيطة عما يمكن أن يحصل مع قابل الأيام، وان المقاومة تدرس بعناية فائقة وتأخذ في الحسبان كل المعطيات الداخلية والخارجية في الحسبان في حال قررت الدخول المباشر في المعركة التي ستكون قاسية على العدو الإسرائيلي الذي سيرى ما لم يراه منذ اغتصابه فلسطين، وان ما حصل في المستوطنات سيتكرر وإنما بفعل أكبر بما سيدخل الإسرائيليين على المستويين السياسي والعسكري في دوامة ما بعدها دوامة، وان ما بعد السابع من تشرين الأول لن يكون بالتأكيد كما قبله، بحيث ان الأفق سيكون مفتوحا على كل الاحتمالات من بينها احتمالات لم تضعها تل أبيب يوما في الحسبان.
وأمام هذا الواقع وكون ان العالم بأسره يعلم ان المقاومة إذا وعدت وفت بوعدها تسارعت الاتصالات الدولية الأميركية منها والفرنسية باتجاه الجانبين اللبناني والإسرائيلي، لاحتواء أجواء التوتر القائمة على الحدود، وممارسة القدر الأعلى من ضبط النفس، والحؤول دون الانزلاق الى ما يهدّد الاستقرار على جانبي الحدود، كما أنّ قيادة «اليونيفيل» قامت بالفعل نفسه حيث أجرت اتصالات حثيثة في هذا المجال، مع الجانبين اللبناني والإسرائيلي لاحتواء ما جرى وتجنّب توسعة رقعة الاشتباك، وكان رد «حزب الله» واضحا بأن المقاومة ستردّ حتماً على أي قصف إسرائيلي على أرض الجنوب.
وفي هذا السياق تؤكد مصادر مواكبة لما يجري ان حدّة الأجواء المشحونة السائدة على الحدود الجنوبية لن تتطور بسرعة الى حرب مفتوحة على غرار ما حصل في تموز 2006 فالإسرائيلي عالق في مأزق غزة، وهو لن تكون لديه القدرة على فتح الجبهة اللبنانية، لأنه يدرك كامل الإدراك بأن قوة المقاومة تضاعفت كثيرا كما ان الخبرة العسكرية لدى عناصر المقاومة باتت مذهلة، وان العدو الإسرائيلي الذي راقب بطائراته المسيّرة المناورة التي قامت بها المقاومة في الأشهر الماضية والتي حاكت دخول مقاومين الى الجليل يدرك ان الجبهة في لبنان ستكون الأصعب عليه، والتي قد تمتد بسرعة الى الداخل بحيث تفقده زمام المبادرة وهو الذي لم يستفق بعد من ذهول ما أصابه في عملية «طوفان الأقصى».