هل هيّأت قطر “صندوقة” الاقتراع و”صندوق”… المساعدات؟
أما سبب “زعل” أو عتب الدوحة على رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل فهو استناداً الى متابعين من قرب حركتها في لبنان أنها “أعطته كل شيء” وساعدته في قضايا كثيرة لكنه رغم ذلك لم يسهّل ولا يبدو أنه سيسهّل مهمتها الرئاسية في لبنان. فهو يرفض انتخاب قائد الجيش العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية. وحواره مع “حزب الله” لا يبدو سائراً نحو خواتيم إيجابية. وربما يكون الاجتماع بين “الحزب” و”التيار” المخصّص للحوار في المسألة الرئاسية والعلاقة الثنائية التي تضرّرت كثيراً هو الاجتماع الأخير، علماً بأن الطرفين قد يلجآن الى “التعاون على القطعة” إذا تعذّرت عودة التحالف. لكن السؤال الذي يُطرح هنا هو: هل اقترح “حزب الله” في آخر اجتماع مع باسيل قائد الجيش رئيساً إذا تعذّر انتخاب سليمان فرنجية؟ البعض يؤكد ذلك لكنه يرجّح أن يكون ممثل “الحزب” في الاجتماع حاول حشر باسيل باعتبار أن موقفه السلبي يشمل الاثنين. وكان جواب باسيل “لا” قاطعة لعون ولفرنجية. هذا الموقف كان “الحزب” قد سمع قبل أسبوعين أو أكثر موقفاً مغايراً له تم التعبير عنه استناداً الى مصادر عدّة بالقول “مئة سليمان فرنجية ولا مرة جوزف عون”. وكان رد فعل “الحزب” على ذلك: “لا تريد فرنجية رئيساً ولا قائد الجيش، أخبرنا ماذا تركت لنا؟”.
ما قصّة ترشيح المدير العام بالوكالة للأمن العام اللواء الياس البيسري لرئاسة الجمهورية؟ فهو أساساً لم يوحِ بهذا الأمر لكنه لم يبدُ متفاجئاً بترشيحه أو رافضاً له، وتفيد معلومات المتابعين أنفسهم الحركة الرئاسية لقطر ولعمل اللجنة الخماسية أن موفد الأولى أبو فهد آل ثاني هو أول من طرح اسم البيسري لرئاسة الجمهورية أو بالأحرى مرشحاً لها. لكن كيف تعرّفت قطر الى اللواء البيسري؟ تعرّفت إليه عن طريق رئيسه السابق المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. فهو كان يعمل معه لحل كثير من المشكلات وتحديداً لتحرير مختطفين ومحتجزين. كانت قطر هي الدولة الأكثر تعاطياً مع هذا الملف. عرّف ذلك مسؤوليها الكبار إلى البيسري وهم كانوا ولا يزالون يكنّون الاحترام والتقدير لإبراهيم ولطريقته في العمل ودفعهم الى التفكير به مرشحاً للرئاسة في ظل الاستعصاء الحالي لانتخاب رئيس. لكن السؤال الذي يُطرح هنا هو: هل ترشيح قطر له جدّي أم هي تطرح اسمه لتطمين “النقزانين” من ترشيح قائد الجيش والرافضين له رئيساً لجمهورية لبنان، وتالياً للتخلص منه وأيضاً من المرشح الوحيد لـ”الثنائية الشيعية” حتى الآن زعيم تيار “المردة” سليمان فرنجية؟ لا جواب جازماً عن هذا السؤال حتى الآن. لكن رغم ذلك كله لا يبدو أن قطر أنجزت شيئاً حتى الآن، كما لا يبدو أن “اللجنة الخماسية” قرّرت الانتقال من “جس النبض” الى العمل الفعلي. في أي حال، يقول المتابعون أنفسهم إن المملكة العربية السعودية فكّرت بعد احتلال “حزب الله” بيروت لساعات ثم بعد احتلاله وسط بيروت مع حلفائه لاحقاً في ضرورة العمل لإيجاد حل لما يجري في لبنان ولتأمين تفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية. كان في ذهنها على الأرجح جمع اللبنانيين في الطائف كما فعلت عام 1989. لكن علاقتها في تلك المرحلة مع سوريا و”حزب الله” كانت بالغة السوء فتبرّعت قطر بالعمل لإقناع اللبنانيين في اجتماع كالمذكور أعلاه لكن في عاصمتها الدوحة. ونجحت وصار ما صار و”ظُنِّ خيراً”. والآن يبدو أن قطر مستقتلة لتكرار تجربة كالمذكورة وهي تعدّ العدّة اللازمة لذلك، ومن ضمنها “صندوقة” الاقتراع وصندوق آخر قيل إنه كان حاضراً في طائف 1989 وما أعقبه وهو دائم الحضور في مناسبات كهذه. هل تنجح في ذلك؟ لا أحد يعرف. هل تنجح السعودية؟ لا أحد يعرف. هل يتقدّم أعضاء آخرون في الخماسية أحجموا حتى الآن عن الخوض إلا في العموميات الرئاسية اللبنانية للتدخل؟ لا أحد يعرف أيضاً. فالمشكلة صارت أكبر من رئيس للجمهورية بعد شغور رئاسي بدأ في نهاية تشرين الأول الماضي ولا يزال مستمراً الى الآن. ربما صار لبنان على عتبة البحث في حلّ أو تسوية سياسية شاملة سواء انطلاقاً من “اتفاق الطائف” أو بعيداً منه.
ماذا يقول متخصّصون في متابعة حركة “حزب الله” الرئاسية والوطنية والإقليمية من قرب عن الوساطة القطرية واستطراداً عن الوضع في لبنان راهناً ومستقبلاً؟ يقولون إنها فاشلة حتى الآن أي “ما طلع منها شيء”، إن كان هدف الموفد الرسمي لقطر الى بيروت “تيئيس” “حزب الله” أي جعله ييأس من النجاح في تأمين انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، وتالياً دفعه الى القبول بمرشّح ثالث لهذا الموقع الأول والحسّاس في دولة لبنان. واستعمل لذلك أسلوباً قام على حذف اسم قائد الجيش العماد جوزف عون من قائمة المرشّحين للرئاسة في مقابل حذف “الحزب” و”أمل” مرشحهما سليمان فرنجية، والبحث عن رئيس من أسماء أخرى تتضمّنها القائمة مثل المدير العام للأمن العام بالوكالة اللواء البيسري، ونائب كسروان الفتوح نعمة افرام، وربما أحد كبار ضباط مديرية المخابرات في الجيش قبل سنوات طويلة ثم السفير في الفاتيكان العميد جورج خوري. وقد حاول الموفد الرسمي لقطر إغراء “حزب الله” لقبول ذلك بمساعدات مالية ضخمة للدولة اللبنانية بعد انتخاب رئيس لها وتأليف الحكومة الأولى للعهد الجديد. ورجّح المتابعون أنفسهم أن تكون المساعدة مليار دولار أميركي توضع وديعة في مصرف لبنان لكن لم يقبل “حزب الله” وتمسّك بقوة أكثر من السابق بمرشحه سليمان فرنجية. من ماذا انطلقت قطر في مبادرتها المقترحة حالياً؟