لبنان والعالم.. واستعادة الثقة المفقودة
استعادة الثقة ..شعار الجمعية العامة للامم المتحدة المنعقدة في نيويورك، وهو بمثابة اعتراف واضح بفقدان ثقة العالم بالامم المتحدة وقرارتها والمؤسسات المتفرعة عنها، و خطاب الامين العام للامم المتحدة تميز بالحديث الواضح عن مخاطر انعدام الثقة التي تهدد النظام العالمي، وكلمة الرئيس الاميركي كانت اكثر وضوحا في الحديث عن التحديات التي تواجه استعادة الثقة باميركا والنظام العالمي، واجتماعات الجمعية العامة سبقها العديد من القمم العالمية من الدول الصناعية السبع الى دول البريكس الى قمة العشرين بالاضافة الى المنتديات الاقتصادية والامنية والتجمعات القارية الافريقية والاسيوية والاوروبية والانغلو سكسونية، وكلها تحدثت بوضوح عن مخاطر انعدام الثقة.
والنظام الاقليمي الشرق اوسطي ايضا يعاني من ازمات انعدام الثقة نتيجة التدخلات الخارجية بخصوصيات الدول المجاورة، وهناك الكثير من المساعي والاتصالات الدولية والاقليمية لاحتواء الاثار المدمرة لصناعة النزاعات وانعدام الثقة بين دول الشرق الاوسط، بالاضافة الى تاريخ طويل من انتهاك ميثاق الامم المتحدة في فلسطين، حيث احتلال اراض الغير بالقوة وتهجير الشعوب وممارسة ابشع اشكال الاستبداد في المعتقلات الجماعية واستباحة كل اشكل الخصوصيات الفردية والجماعية، والعالم يقف متفرجا منذ خمسة وسبعين عاما مما حتم على شعوب المنطقة فقدان الثقة بالنظام العالمي.
٢٤شباط ٢٠٢٢ انه اليوم الذي فقد فيه النظام العالمي كل ميزات التحكم والسيطرة، حيث اندلعت حرب عالمية كبرى بشكل مفاجيء بدون مقدمات او توقعات، وبدأنا نشاهد بالعين المجردة ما كنا قد قرأناه في كتب التاريخ وبعض ما شاهدناه من خلال السينما العالمية عن الحروب العالمية وويلاتها، حيث اصبحت عملية انعدام الثقة بالكبار من بديهيات الاجيال الصاعدة التي تشاهد تحولات وتداعيات النظام العالمي من خلال متابعة الحرب الروسية الاوكرانية التي انخرط العالم باسره في تفاصيلها وتمويلها وتسليحها واصبحت اشبه بحرب النجوم السابقة بين اميركا والاتحاد السوفياتي عبر استنزاف للطاقات والموارد والتي ادت الى انهيار النظام العالمي والدخول في فوضى الاحادية مابعد الحرب الباردة.
النظام العالمي الجديد ما بعد الذكاء الصناعي والثورات التكنولوجية سيكون كذب الكبار على الصغار بالغ الصعوبة، و محاكمة الرؤساء والحكام والقادة اصبحت من بديهيات استعادة الثقة لدى كل الشعوب، وما تقوم به مؤسسات الدولة الاميركية من خلال عزل رئيس مجلس النواب ومحاكمة الرئيس السابق دونالد ترامب بتهمة الفساد والبحث الجدي في عزل الرئيس الحالي جو بايدن ومنع التمويل عن اوكرانيا انما هي محاولات في استعادة الثقة بالدولة الاميركية ومؤسساتها الدستورية والقضائية، بالاضافة الى انكشاف قلق الاتحاد الاوروبي من موجات المهاجرين الضعفاء وتعاظم ثقافة الخوف وعدم الثقة لدى الشعوب والحكام.
ان استعادة الثقة في لبنان عملية غاية في السهولة لان المتورطين في الاستخفاف بعقول الاجيال اللبنانية المميزة من المكونات السلطوية اصبحوا غير قادرين على الاستمرار، وذلك بعد ان تسببوا في انهيارات اقتصادية ومالية واجتماعية وامنية واخلاقية وتمادوا في صناعة الكذب والادعاء وتضخم الذات وبكل اسباب انعدام الثقة باشخاصهم واحزابهم ومواقعهم السلطوية الرئاسية و المجلسية والقضائية والادارية وفي القطاعات المهنية وانغماسهم الواضح والوقح في الفساد وتحقيق المغانم الشخصية والمكتسبات السلطوية على حساب ثقة المواطنين اللبنانيين في الدولة الوطنية والمؤسسات، وسيبقى الانسان اغلى ما في لبنان ، وحفظ الله لبنان .