محركات عين التينة الرئاسية توقفت والنزوح على نار حامية
عادت أزمة النزوح السوري إلى الواجهة من بوّابة الخطر الأكبر على ديمومة لبنان ومستقبله السياسي، الاجتماعي، الاقتصادي، الديمغرافي، أو حتى اسمه ونشيده الوطني وعلمه وثرواته الواعدة.
الخطر كبير جدًا ولا يقبل الانتظار بل يحتاج إلى حلول، كما أنه لا يُحل بالمؤتمرات الصحافية بل يحتاج الى قراءة علمية وحقيقية.
قراءة خطورة الأزمة يجب أن تتم بناءً لمعايير عدة وتتزامَن مع خطة طوارئ متكاملة تصدر عن بُنية دولة حقيقية تبدأ من أعلى الهرم اي رئيس الجمهورية وصولًا الى رئاسة الحكومة حيث السلطة التنفيذية التي لا بُدَّ ان تتمتع بالصلاحية الدستورية لتحصد نتائج مرضية، وإلا فليعترف الجميع بفشلهم وليتّجهوا نحو الاستقالات الجماعية، لأنّ تفريغ المؤسسات من اشخاص غير مؤهلين لتقديم الحلول أفضل من تفريغ الوطن من تاريخه وحاضره وخسارة مستقبله.
من أين يجب أن نبدأ؟
البداية تكون من النظام اللبناني وجهوزيتنا، وليس من محاربة الجهات الدولية الداعمة لأسباب جيوسياسية عملية لتثبيت النازحين السوريين لدينا. لذلك علينا ان نبدأ من انتخاب رئيس للجمهورية، لأنّ واقع لبنان الحالي وحكومته في شكلها ومضمونها غير مُهيئين لاحتواء أزمة النزوح لأسباب عدة أهمها:
١ – غياب الخطة المالية عن رواتب وأجور العاملين في الأجهزة الأمنية والادارات العامة.
٢ – تحلل أجهزة الدولة واداراتها بنحو شبه كامل.
٣ – غياب الخطة الشاملة لاحتواء النازحين ومحاصرتهم عبر القانون.
٤ – وجود خلاف لبناني داخلي حول مسائل عدة تُشكّل اشكالية، مثل: حكومة تصريف اعمال، الازمة الرئاسية، الخلاف مع الدولة السورية، تشكيل وفد رسمي او غير رسمي، ارضاء الخارج تجنبًا لعقوبات على متمولين لبنانيين.
البداية تكون من الخطة المالية الطارئة
اذا لم نتجهّز أمنيًا لمواكبة المرحلة المقبلة بالتزامن مع استقرار سياسي فإننا لن ننجو ببلدنا، من هنا البداية تكون بتحويل اجور القوى الوطنية العاملة الى ما يمكن ان يسمح بمواجهة المنظومة الدولية التي تحاول إغراق لبنان بأزمة النازحين. انطلاقًا منه يجب ان نعود الى معيار ثابت ينطلق من ٦٥٠$ كحد ادنى للأجور واعادة تثبيت الاستقرار في الادارات العامة لتعود المؤسسات الى عملها الطبيعي على محتلف المستويات.
الخطوة الثانية تكون في اعادة عمل المؤسسات الضامنة الصحية من خلال اعادة النظر في التعرفة الشهرية للمشتركين في الضمان الاجتماعي واقتطاع جزء من الرواتب بالدولار لبقية المؤسسات الضامنة ووضع خطة عمل مع المستشفيات الخاصة.
وبالتزامن مع التفكير في الخطط العملية، لا بد ان نتوجه فورًا الى اعادة تحريك ملف انتخاب رئيس للجمهورية يساهم في اعادة التوازن الى رأس الهرم وينسحب هذا التوازن لاحقًا على مختلف المستويات.
الأجواء المواكبة
تشير مصادر سياسية مواكبة لحركة عين التينة الناشطة في ملفي الرئاسة والنزوح السوري الى أنَّ البلد يعيش مرحلة دقيقة جدًا على مختلف الصعد، وان ازمة النزوح زادت الطين بلة في ظل انسداد الأفق الرئاسي وتَرهّل مؤسسات الدولة تدريجاً.
وتضيف المصادر أنه بمجرد إطفاء الرئيس نبيه بري محركات عين التينة الرئاسية تعطّلت عجلة انتخاب رئيس للجمهورية وتعطلت معها مختلف المبادرات التي من الواضح انها لم تحصد اي نتيجة تُذكر. واذا ما اردنا مقاربة ما حصل قبل قدوم الموفد الفرنسي نرى في وضوح أنَّ الفرنسيين تلقّفوا مبادرة بري الامر الذي أعطى مضموناً لزيارته التي كانت لا تتضمن اي طرح حقيقي يُذكر.
أما عن بقية الافرقاء السياسيين فتوضح المصادر أنَّ الفريق الآخر، وتحديدًا المسيحي، لا يُقدم اي شيء يُذكر في معادلة الرئاسة، من هنا كانت أقصى تضحية قدمها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع انه قال للموفدين العرب والاجانب الذين زاروه انه جاهز لإرسال نوابه لحضور جلسات انتخاب لرئيس الجمهورية من دون تعطيل النصاب.
أما في ملف النزوح السوري، فتشير مصادر سياسية مواكبة لحركة عين التينة الى أنَّ وفودًا دبلوماسية زارت بري وأعربَت عن الخوف الشديد لانهيار السد اللبناني المانع لتسرّب مئات ألوف النازحين تجاه اوروبا. في المقابل قدّم بري اقتراحًا لتقديم خطة عمل مشتركة بين الجانب اللبناني وحكومات الدول المعنية التي يبدو أنها مكبّلة وغير قادرة على تقديم حلول لحسابات جيوسياسية معقدة.