“إنذار الدورة”: هل بدأت اضطرابات النزوح؟… وماذا عن مراكب التهريب؟
بدا الصدام الذي حصل ليل الخميس بين عدد من سكان محلة الدورة وابنائها وعشرات العمال السوريين في معمل للخياطة بمثابة انذار مبكر او جرس انذار خطير الى احتمالات اندلاع اعمال عنف تتخذ بعدا لبنانيا – سوريا عنصريا في مناطق جوالة على خلفية انفجار ملف تضخم النزوح السوري في الأسابيع الأخيرة وتحوله الى إعصار كارثي. وغداة هذا الصدام الذي بالكاد تمكن الجيش من احتوائه قبل ان يتمدد الى مناطق متنية أخرى، ويتفجر امس ايضا بمواجهة ليلية مع سوريين في منطقة السبتية، بدا المشهد الداخلي برمته على قدر كبير من الاضطراب الأمني والسياسي والإعلامي الذي اثاره ملف النزوح السوري وسط تراجع كل الأولويات الأخرى امام تقدم القلق من اضطرابات مماثلة لحادث الدورة خصوصا بعدما أفادت المعلومات ان الجيش أوقف امس الجمعة ٢٧ سورياً في الدورة إثر الاشكال. كما ان الوجه الاخر المثير للاضطراب تمثل في تجدد عمليات الهجرة غير الشرعية من خلال احباط الجيش عملية تهريب مركب هجرة غير شرعي على متنه 124 سوريا، مقابل جزيرة الرامكين، وهي ثالث محمية تابعة للجزر المعروفة بجزيرة الأرانب. وقد استغاث الركاب بالجيش اللبناني بعدما كاد المركب يغرق وعملت فرق الصليب الاحمر اللبناني على انقاذ واسعاف الركاب مع العلم أن ليس هناك أي إصابة.
ومع مشهد الاضطرابات الجوالة تصاعدت المخاوف من التحدي الكبير امنيا وسياسيا وديبلوماسي الذي يواجهه لبنان ويرزح تحت اعبائه وسط عجز هائل عن وسائل المواجهة في ظل ازمة سياسية ودستورية تتصاعد فصولها وسلطة مفككة يتراشق وزراؤها بالاتهامات وقوى سياسية تتواجه في ما بينها بالمزايدات فيما تزحف الكارثة قدما نحو استيلاد مزيد من الإضطرابات والتحديات اليومية.
ولم يكن ادل على هذا الواقع المضطرب الا توّجه مخاتير منطقة الجديدة – البوشرية – السدّ بكتاب إلى المديرية العامة للأمن العام يحذرون فيه من “وضع خطير جدّاً على أبناء المنطقة ويطالبون بإغلاق جميع المحلات التجارية غير الشرعية المشغولة من غير اللبنانيين آخذين على عاتقنا مساعدتكم وإعلامكم عن هذه المحلات”.
ومن المفاعيل المتأتّية عن حادث الدورة مطالبة البلدات القيام في المهمات الاحترازية مع وجود أعداد مقدّرة بالوف النازحين المقيمين بطريقة غير شرعية. ووضعت فعاليات المنطقة بالتعاون مع مكتب النائب رازي الحاج للتشريع والاستشارات خطة مقسّمة إلى ثلاث مراحل أولها، إبعاد الأجانب غير الشرعيين من خلال إحصاء شامل لعدد القاطنين والعاملين في النطاق البلدي وتعبئة استمارة الأمن العام لهذا الهدف، ثم إعداد لائحة بالأجانب غير الحائزين إجازة عمل وإصدار بطاقات بأسماء العمال الشرعيين. وتقوم المرحلة الثانية على إلزام تسجيل عقود الإيجار في البلديات وتحديد عدد القاطنين المسموح وجودهم في المناطق. ثم تنطلق المرحلة الثالثة من تفعيل تطبيق القوانين والأنظمة وقمع المخالفات، ما يشمل تفعيل فرض التكاليف الضريبية وتطبيق قوانين السير وضبط المخالفات البيئية ومنع التجمعات والأعمال الصناعية خلافاً لقانون العمل وإزالة المخالفات عن الخدمات العامة وقمع مظاهر التسول وتنظيم محاضر ضبط للمخالفين والتشدّد في إعطاء تراخيص والتنسيق بين البلديات والاتحادات. وعلمت “النهار” أن هناك بلديات أو بلدات متنية باشرت فعلياً في إجراءات المسح الميداني لأعداد النازحين فيها، وهي سنّ الفيل، القعقور، المنصورية، بسكنتا، زرعون والدكوانة.
احتدام سياسي
وبازاء هذا الواقع احتدمت المواقف السياسية عاكسة صورة ساخنة للغاية من ملف النزوح على اختلاف التوجهات السياسية. وفي هذا السياق أنتقدت كتلة “اللقاء الديموقراطي” تحول أزمة النزوح السوري “بفعل الاهمال الرسمي، والشعبوية السياسية، والتحريض العنصري، إلى واقع خطير”. وذكرت “الرأي العام والقوى المنغمسة في نظريات العصبية أو الاستغلال ان اللقاء الديمقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي كانا أول من طالب منذ أواخر ٢٠١١ بضرورة تعامل الدولة بشكل منظم مع النزوح السوري، وإقامة مخيمات محددة، وضبط آليات تعامل المؤسسات الدولية مع هذه المخيمات، وحصر التداعيات في نطاق المخيمات وحدها. لكن الشعبويين أنفسهم رفضوا آنذاك تحت ذريعة أن إقامة المخيمات يُمهد للتوطين، وها هم اليوم يستخدمون الذريعة نفسها”. ودعت الى “وقف كل موجات التحريض، لدرء مخاطرها على الأمن الداخلي، ووقف كل نظريات الاستغلال السياسي الغريبة التي طرحها البعض تحت مسمى “تصدير” النازحين، وفي مقابل ذلك على الحكومة الاجتماع فوراً واعتماد سياسة رسمية واضحة وتنفيذها، عبر إجراء مسح كامل للمواطنين السوريين والتمييز بين العمال واللاجئين، وتحديد سبل التعاون مع المؤسسات الدولية ذات الصلة، ومنح الجيش والقوى الأمنية الدعم اللازم في سياق مهماتهم في هذا المجال”.
وفي المقابل طالبت “كتلة تجدد” مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار بتكليف قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل” بمساعدة الجيش اللبناني في إقفال المعابر غير الشرعية ومراقبة المعابر الشرعية لتأمين الضبط الصارم للحدود، واستعادة السيادة اللبنانية على كامل الحدود. وتوجهت الكتلة للمجتمع الدولي بطلب تغيير مقارباته وسياساته في التعامل مع ملف النزوح السوري، بفعل التغيير الجذري في الوقائع التي حصلت منذ العام ٢٠١١ حتى اليوم” . ولفتت الكتلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، إلى “أنه من العبث طرح الحلول الشعبوية لمشكلة النازحين في هذا التوقيت، كحل ارسالهم في البواخر إلى أوروبا. وذكّرته “بأن مشاركته في الصراع السوري، كانت سبباً رئيسياً لهذا النزوح، وهو حصل في ظل حكومات يسيطر على قرارها الحزب، والتي لم تقم بأي خطوة لضبطه وتنظيمه، منذ العام 2011 حتى اليوم”.