خريطة طريق الحل تمرّ بالحدود البرية والتنقيب عن الغاز؟
ينتظر التوافق في لبنان وانجاز الاستحقاق الرئاسي تقاربا اميركيا – سعوديا – ايرانيا. وفي هذا السياق دخلت واشنطن على خط انجاز الانتخابات الرئاسية في اسرع وقت ممكن. وتعتبر الولايات المتحدة ان الحل سيأتي من الجنوب، اي من خلال انهاء التحفّظات في شأن الحدود البرية بين لبنان واسرائيل من جهة، والتنقيب عن الغاز من جهة أخرى. وبانتظار هذه النتائج يتم تحضير “ورقة طريق” تحدد كيف يمكن تخطي الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها لبنان، ومن هو المرشح الرئاسي الذي يتمتع بالمواصفات اللازمة التي تمكنه من التعاون مع حكومة فاعلة لتنفيذ الخطة الاصلاحية. ولن تخوض المبادرات بالاسماء بل بالصفات لانها ستؤدي الى حرقها.
لن يقوم لبنان إلا من خلال الاصلاحات البنيوية التي حددها صندوق النقد الدولي، وهذه الاصلاحات ضرورية للتأثير بشكل ايجابي على الوضع الاقتصادي وعلى الثقة بالدولة التي تفتقر الآن الى الادارة السياسية التي تترك البلد في مواجهة قطاع مصرفي ضعيف وخدمات عامة غير كافية وتدهور البنية التحتية وتفاقم ظروف الفقر والبطالة منذ التظاهرات الشعبية في تشرين الاول 2019.
وفي سياق التوصل الى حلّ، أنهى الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الوزير السابق جان – ايف لودريان جولته الثالثة في لبنان، وهو يحضّر لجولة رابعة من دون ان يقدم أو تقدم المجموعة الخماسية المتابعة للملف اللبناني اي اقتراح عملي لحل الازمة، بل التزمت الصمت بدل تحديد الخطوات المقبلة التي ستساعد على انهاء الفراغ الرئاسي لان شروط توافقها عليه لم تكتمل بعد.
لقد رسمت “الخماسية” مواصفات الرئيس المقبل: رئيس لا يشكل انتخابه تحديا لأي فريق داخلي وخارجي ولا يكرس الانقسام العمودي في البلد ويكون على مسافة واحدة من الجميع ويقود العملية الاصلاحية بالتوافق مع رئيس الحكومة المقبلة. كما ان “الخماسية” تطالب بحكومة فاعلة للقيام بالاصلاحات البنيوية الضرورية وتعزيز القضاء والمحافظة على سيادة لبنان واستقراره.
المواقف للحلّ المنشود داخل “الخماسية” متطابقة، إلا أن هناك اختلافات في وجهات النظر بين اعضائها حول الاختيارات والسبل من اجل التوصل الى هذا الحل. فعدم تفهّم مواقف اطراف يحتاج من الاعضاء الى توضيحها والاتفاق على القواسم التي تؤمّن الوصول الى الحل. ويعوَّل على اجتماع اعضاء الخماسية على مستوى وزراء الخارجية لوضع الخطوط العريضة للحل، حتى يمكن القول ان هناك اتفاقا تاما بين اعضائها. وانطلاقا من هنا فان المرحلة الثانية ستقوم على تذليل العقبات مع ايران التي هي شريكة في الحل لتفكيك العقد التي تمنع اتمام الاستحقاق الرئاسي من جهة، والموافقة على الاصلاحات من جهة اخرى. فاختيار الرئيس ينتظر التوافق والتفاهم على خريطة طريق الحل التي ستحدد مواصفات الرئيس العتيد.
كما ان هناك مساعيَ يقوم بها اطراف من داخل “الخماسية” من اجل تحرير “حزب الله” و”امل” من شروطهما لكي يتم التوافق على رئيس توافقي لا يشكل تحديا لأي فريق أو لا يعترض عليه اي فريق ولديه الصفات اللازمة لتنفيذ خريطة الطريق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تقود الى الاصلاح وبناء الثقة في الداخل والخارج. فالدولة اللبنانية تعاني انهيارا تاما وانحلالا وتفككا وهي بحاجة الى اعادة بناء وتأهيل.
ثم إن العملية السياسية تحتاج الى توافق اقليمي على عملية ترسيم الحدود البرية التي يقوم بها الموفد الاميركي وعلى نتائج التنقيب عن الغاز وارتباطهما بتعديل مواقف “حزب الله”. والتوافق الاقليمي ضروري كي لا يشكل انتخاب الرئيس تحديا لاي فريق وان لا يكرس الانقسام العمودي الذي يعيشه البلد.
في انتظار هذه التوافقات سيشهد لبنان مبادرات متعددة سيشارك فيها العديد من الاطراف الدولية والاقليمية. وهي تحتاج الى مزيد من الوقت لتحديد الصورة النهائية والقواسم المشتركة للحل في ظل تغيرات ستشهدها المنطقة لان الملف اللبناني اصبح مرتبطا بالتفاهمات الاقليمية والدولية وبنتائج التنقيب عن الغاز في جنوب لبنان.