التحرّك القطري يمهّد لفتح باب التسوية وإيران على الخطّ

يُتوقع أن يكون الأسبوع الجاري مفصلياً على صعيد تبيان ما ستؤول إليه المبادرة القطرية وكل ما يحيط باللجنة الخماسية وتحركاتها بصلة، وما بينهما من دلالة الحشد الذي شهده وسط بيروت في العيد الوطني الـــ93 للمملكة العربية السعودية وما تضمّنته كلمة السفير وليد بخاري من عناوين بارزة، ما يؤكد في رسائل واضحة أن الدور السعودي أساسي على الساحة اللبنانية وفي إطار اللجنة الخماسية، وكذلك التنسيق القطري مع الرياض بعد انطلاق مهمة أبو فهد جاسم آل ثاني، الموفد القطري الذي زار بيروت مراراً بعيداً عن الأضواء لتتحوّل مهمّته الى علنية وتمهيد الأجواء أمام عودة الموفد الآخر الشيخ محمد ناصر الخليفي. ويرى البعض أنه إذا نجحت مساعي أبو فهد فقد يأتي وزير الخارجية القطري وتنعقد اللجنة الخماسية على مستوى وزراء الخارجية وتعلن التسوية إذا سارت الأمور على ما يرام وفق ما يُنقل في المجالس السياسية، إذ ثمة إصرار دولي وتحديداً أميركي على انتخاب الرئيس في أقرب وقت ممكن بعد استياء واشنطن من ترهّل المبادرة الفرنسية وعدم توصّل موفدها الرئاسي جان إيف لودريان الى أي خروقات ما أدّى الى تفعيل الاتصالات عبر الثلاثي الأميركي والسعودي والقطري، لتكون مهمة “أبو فهد” حاسمة وحازمة. وينقل أحد السياسيين البارزين أجواءً تشي بأن الدوحة ستدخل مباشرة في دعم وصول قائد الجيش العماد جوزف عون وما حصل في الساعات الماضية من مساجلات ومواقف وأكثر من إشارة سياسية إنما يصب في هذا السياق.

توازياً، تشير مصادر سياسية عليمة لـــ”النهار”، الى أن الأسبوع الجاري سينطوي على أكثر من تطور سياسي داخلي في ظل المساجلات التي تنحو باتجاه اصطفافات سياسية جديدة وإعادة رسم خريطة التحالفات على ضوء ما سترسو عليه التسوية وإمكانية وصول قائد الجيش الى قصر بعبدا، بمعنى أن ما يجري يصب في خانة سعي البعض لحرق هذا المرشح وذاك، واللعب في الوقت الضائع قبل أن تتبلور معالم التسوية الرئاسية، وفي غضون ذلك السباق المحموم بين المبادرات من أطراف خماسية، إذ إن لودريان سيعود الى بيروت بعد انطلاق مهمة الموفد القطري وقد تأكد أنه سيشارك في كل اللقاءات ممثلاً لفرنسا في أعمال اللجنة الخماسية ولاحقاً في المؤتمرات المانحة لدعم لبنان وإن لم يعد من يقود عملية التفاوض مع الأطراف الداخلية.

وبناءً على هذه المعطيات ثمة أجواء تتحدث عن تمديد بقاء السفيرة الأميركية دوروثي شيا في العاصمة اللبنانية على الرغم من انتهاء مهمتها، فذلك يحمل دلالة على دورها البعيد عن الأضواء لإنجاز انتخاب الرئيس وقد يكون خلال الأسابيع المقبلة تجنباً للأسوأ المقبل على البلد أمنياً واقتصادياً واجتماعياً وتحديداً الرسائل الأمنية وما تعرّضت له السفارة الأميركية من إطلاق نار، بدليل أن هناك معلومات مستقاة من جهات غربية وعربية حول رسائل أمنية باتجاه السفارات والأماكن الحيوية التي لها صلة إقليمية على غير صعيد ومستوى، ما دفع بالمعنيين المهتمين بالشأن اللبناني الى رفع منسوب عمل اللجنة الخماسية ودفع الاتصالات للوصول الى انتخاب الرئيس وعدم الوقوف أمام مناورات البعض وترف الوقت. مع التأكيد أن زيارة الموفد القطري لإيران حملت إيجابيات، وهذا ما دفع “حزب الله” للتحرك باتجاه اليرزة وبنشعي وتجاهل حليفه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل رئاسياً واقتصار الحوار بين الطرفين على مسائل أخرى منها دراسة مشروع اللامركزية الإدارية والمالية وإعادة تقييم التحالف بينهما بعدما أصيب بأضرار جسيمة، ويُنقل أنّه حصل لقاء بينهما أخيراً.

وتردف المصادر مؤكدة أن لبنان أمام أيام مفصلية رئاسياً، وما تخلي الخماسية عن المبادرة الفرنسية وما يسرَّب عن بعض السياسيين أن دخول واشنطن على الملف اللبناني من بابه الواسع، إلا مؤشر على فتح الطريق أمام التسوية، مرفقاً بترقب بعض المحطات في المنطقة التي لها صلة أساسية بانتخاب الرئيس من خلال الحوار الأميركي-الإيراني وزيارة الرئيس السوري بشار الأسد للصين باعتبار ذلك رسالة لواشنطن نتيجة حصارها على سوريا، ومن ثمّ ارتفاع وتيرة العمليات الميدانية على الجبهة الروسية – الأوكرانية، وعطفاً على هذه الأجواء لا يُستبعد أن تكون اللجنة الخماسية زائداً واحداً، أي مشاركة إيران بأعمالها على خلفية ما جرى في الآونة الأخيرة من التقارب السعودي – الإيراني، وزيارة الموفد القطري لطهران والحوار بينها وبين واشنطن، فضلاً عن مَونة إيران على الثنائي الشيعي بفعل التحالف والدعم اللامحدود لـ”حزب الله”. لذا بالمحصلة لا يمكن تجاوز عناصر أساسية إقليمية أمام التسوية التي يعمل لها وقد تشهد اندفاعة كبيرة في ظل التطورات المتسارعة داخلياً وخارجياً.

Leave A Reply

Your email address will not be published.