قائد الجيش يتراجع ويؤكد ترشحه إلى الرئاسة
عندما تحدث قائد الجيش العماد جوزف عون امام وفد نقابة الصحافة قائلا ان “الرئاسة لا تعنيني ولا تهمني”، لم يصدقه كثيرون، وفسروا كلامه على انه محاولة احداث هدنة سياسية مع اكثر من طرف لامرار التمديد له في القيادة ما لم يتم انتخاب رئيس جديد للبلاد قبل مطلع السنة الجديدة. اذ انه، مهما قال مؤيدوه عن حظوظه المستمرة بالتصاعد، يفقد اكثر رصيده “الرئاسي” متى تقاعد، اياً يكن الذي سيشغل الموقع بالاصالة او التكليف او الانابة، اذ ان لكل مساره واسلوبه وطموحاته ايضا، وهو يسعى الى طمس مخلفات من سبقه بقصد او بغير قصد. ورأى البعض في كلامه “اراحة” لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل لتخفيف الضغط عنه، وطمأنته مرحليا، اذ ان “التيار” الذي يتهم قائد الجيش بالانقلاب على الرئيس ميشال عون، والمضي بركب الاخرين منذ زمن، يبذل ما في وسعه لعرقلة “رئاسة” قائد الجيش حتى يكون عبرة لغيره ممن قطعوا حبالهم مع من اوصلهم الى مواقعهم.
واذا كان ما ذكر حقا عن رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية تأييده وصول قائد الجيش الى بعبدا، ما لم يحالف الحظ الزعيم الزغرتاوي، فان اعلان عون ان الرئاسة لا تعنيه، يريح فرنجيه، ويجعله اقرب، واكثر تأييدا، خصوصا ان قائد الجيش يدرك ان حظوظ فرنجيه باتت متراجعة الى حد كبير، اللهم الا اذا اتفقت قوى اقليمية وفرضته رئيسا محكوما بالفشل قبل انطلاقته.
ومن التفسيرات ايضا ان كلام القائد، يدفع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي الى البحث عن مخارج للتمديد له في موقعه، تجنبا لفراغ اضافي خصوصا على رأس المؤسسة العسكرية المعتبرة ضمانة للامن والاستقرار، علما ان ثمة اليات ممكنة لانتقال موقت للقيادة الى الضابط الاعلى وهو حاليا اللواء بيار صعب، الذي لم يصدر اي امر بنقله من الجيش الى المجلس العسكري لانه لا يراس اي مديرية تتبع وزارة الدفاع مباشرة، بعكس ما يروج البعض.
لكن التفسيرات والتكهنات كلها سقطت دفعة واحدة في اليوم التالي لكلامه المعلن، عندما اعتبر ان كلامه وضع في غير سياقه، متهماً ضمناً وفد نقابة الصحافة بقصور في فهمه، او بتحريف المعنى اذ اخذه هؤلاء في غير سياقه. ويبدو ان المحيطين به سارعوا الى نصحه بالتراجع السريع، قبل ان تلتقط الاشارة غير عاصمة عربية واجنبية، وتبني على الشيء مقتضاه.
وجاء الجواب عبر منبر صحافي غير لبناني، بعيدا عن نقابة الصحافة “المحرّفة” لكلامه، وتحت عنوان “مصادر مطلعة”، تحدث الى جريدة “القدس العربي” معتبرا “أن الكلام المنسوب إلى قائد الجيش العماد جوزف عون حول أن “الرئاسة لا تعنيني ولا تهمني” وُضع في غير سياقه”، وهو في خلال لقائه وفد نقابة الصحافة أوضح أن الاهمية القصوى بالنسبة إليه هي الجيش والمؤسسة العسكرية والحفاظ على الأمن والاستقرار، وأنه لا يشتغل إلا لهذا الموضوع وليس هاجسه الرئاسة”. ولدى سؤاله اذا فاتحه أحد بموضوع الرئاسة أجاب “لم يفاتحني أحد بالموضوع ولما تتم مفاتحتي لكل حادث حديث”.
واستغربت المصادر المطلعة اياها “طرح سؤال اذا كان قائد الجيش سحب ترشيحه من التداول خصوصاً أن الانتخابات الرئاسية لا تفترض تقديم أي مرشح طلب ترشيح كي يتم سحبه”.
امام السؤال الاخير يصح القول ان فرنجية ايضا والمرشح الاخر جهاد ازعور لم يعلنا ايضا ترشحهما، وباتت لائحة المرشحين خالية من كل اسم.