داعمون لفرنجية: كنا أكلنا الضرب
دخل لبنان في فصل جديد من فصول الوقت الضائع، بعد انتهاء زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان من دون تحقيق نتيجة ايجابية تؤسس لولادة رئيس الجمهورية قريباً.
مع رحيل لودريان، تحوّلت الانظار نحو الموفد القطري المفترض، الذي يحوم ظلّه حول الملف الرئاسي، من دون أن يظهر بالعين المجرّدة بعد.
وحتى لودريان بقيت ملائكته حاضرة بعد مغادرته، استعداداً لزيارة جديدة. انّه الإدمان اللبناني على الانتظارات التي لا تنتهي. ومن انتظار الى آخر، يمر الوقت ويهترئ البلد وتصدأ الدولة وتتفاقم الأزمات، الى حين ان يتمّ الإفراج عن التسوية لهذه الأزمة او تلك بـ»كفالة» دولية.
ويبدو انّ لا قرار كبيراً بعد بمعالجة مأزق الاستحقاق الرئاسي المعطّل، وبالتالي فإنّ كلمة السرّ المستوردة لفتح أبواب قصر بعبدا لم تصل حتى الآن الى بيروت.
ولم يعد خافياً انّ هناك انطباعاً عند كثر ممن التقوا لودريان، بأنّ الامور عادت الى ما قبل ترشيح سليمان فرنجية وجهاد أزعور، على قاعدة تصفير عدّاد الترشيحات والبدء من جديد، وانّ البديل القابل للنجاح وتجميع اكثرية مريحة حوله، انما يتقرّر في ضوء ما يمكن أن يسفر عنه الحوار.
لكن داعمي سليمان فرنجية لا يسلّمون بهذه المعادلة، وهم يؤكّدون أنّ ترشيحه لا يزال على قيد الحياة السياسية، في مقابل انتهاء مدة صلاحية ترشيح أزعور والتقاطع عليه، خصوصاً بعد انطلاق الحوار بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر»، وليس هناك، في رأيهم، ما يمنع الجمع بين التمسّك بدعم فرنجية وبين الدعوة إلى الحوار، بمعزل عن طبيعة الشكل الذي سيتخذه.
الاّ انّ الحوار حول الحوار لم يفض بعد الى إقناع رافضيه بجدواه وجدّيته، علماً انّ الاعتراضات المعلنة تتوزع إما على المبدأ نفسه وإما على التفاصيل.
وبينما تعتبر قوى المعارضة انّ اصل الحوار مرفوض اساساً، وانّ الرئيس نبيه بري لا يحق له ان يديره لأنّه طرف في الاصطفاف الانتخابي – السياسي، نُقل عن لودريان ثقته في دور بري على هذا الصعيد، مشيراً الى أنّه «أفضل من يمكن ان يدير الحوار بالتعاون معنا».
وعندما قيل للودريان خلال احد الاجتماعات انّ بعض قوى المعارضة تنتظر نزع سلاح «حزب الله» حتى تقبل بالحوار، أجاب: «هذا يعني انّهم سينتظرون طويلاً».
وعلى رغم محاولات إظهار او تظهير نوع من التناغم بين باريس والرياض في مقاربة الملف الرئاسي، كما أوحى لقاء اليرزة مع النواب السنّة في حضور لودريان والسفير وليد البخاري، الاّ انّ ذلك لم يحجب حقيقة انّ السعودية لا تحبذ الحوار المباشر والموسّع على هوية الرئيس، وفق صيغة لودريان او بري، وهي تعتبر انّ حصوله ممكن بعد انتخاب رئيس الجمهورية وفي ظلّ ورعايته، وليس قبل ذلك.
وفي خضم البازار الداخلي – الخارجي حول اسم الرئيس المقبل، تحذّر إحدى شخصيات فريق 8 آذار، المؤيّدة لفرنجية، من انّ يفوق الثمن السياسي لإيصاله ما يستحقه مركز الرئاسة تبعاً لـ»منصّة» اتفاق الطائف. وتضيف: لا نريد أن يعطونا قصر بعبدا ويأخذوا الدولة.
وتلفت الى انّه وفي عزّ المبادرة الفرنسية «طُرحت مقايضة قوامها انتخاب فرنجية في مقابل ان يحصل الطرف الآخر على رئاسة الحكومة وثلت مجلس الوزراء ومراكز اساسية في الفئة الأولى، ولحسن الحظ انّ هذا الطرح لم يمرّ، وإلاّ لكنا قد أكلنا الضرب: نأخذ رئاسة الجمهورية بصلاحياتها المحدودة ونعطيهم مفاصل الدولة العميقة… يا لها من مقايضة».