لقاء بري – باسيل “وارد”… وإلّا نعيُ الحوار وانتظار الخارج
لم يعد الرئيس نبيه بري “يهضم” بهدوء كل الاعتراضات التي تصله على دعوته الى الحوار من الاقربين والابعدين من رؤساء الكتل والنواب المستقلين. وقبل ان ينضم المعارضون الى طاولة الحوار وهذا ما لم يقدِموا على فعله، لا يبدو ان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل على موجة واحدة مع رئيس المجلس حيال شكل الطاولة الحوارية او التشاورية. وجاء خطابه الاخير على شكل “ناقض ومنقوض”.
لم يقفل “التيار” باب الحوار على عكس حال حزبي “القوات اللبنانية” والكتائب. ويعرف باسيل سلفا ان عدم مشاركته في الحوار المنتظر يعني عدم التئامه بسبب تأمين المشاركة المسيحية. واذا كان رئيس المجلس وباسيل يلتقيان على الحوار، إلا ان كلاً منهما ينظر اليه بطريقة تختلف عن الآخر، علما ان متفائلين بالحوار لم يجدوا اشارات قوية ومشجعة في طيات كلام باسيل إذ حملت سطوره جملة من الانتقادات والملاحظات من اكثر من طرف. وهذا ما لا يخفيه نواب في تكتله “لبنان القوي”.
واذا كان بري يريد حصر الحوار برئيس الجمهورية، (لا تأكيد انه سيدعو اليه في اوائل تشرين الاول المقبل)، فإن باسيل يطالب ببرنامج للرئيس المقبل ويراه اهم من شخصه. وقد وجّه نقدا لاذعا للمرشح سليمان فرنجية في اطلالته الاخيرة وبأسلوب قاس واصفا إياه بانه “لا يتمتع بالحيثية التمثيلية الذاتية وعلينا التعويض عنها بالبرنامج”، متناسيا هنا ان هذه المهمة ترجع اولا الى الحكومة مجتمعة. وماذا يمكن لرئيس الجمهورية ان ينجز من دون تجاوب مجلس الوزراء معه؟
ولم يلقَ موقف باسيل ردا من ” تيار المردة” لضرورات تخص فرنجية في معركته هذه وسط اكثر من اشارة غير مشجعة تلقّاها في الاسبوع الفائت ابان زيارة الموفد الفرنسي جان – ايف لودريان، ولا سيما في ظل الحديث عن التوجه الى “مرشح ثالث”، تلك العبارة التي تتمسك بها كتل المعارضة ومن لا يلتقي مع فرنجية اولا.
ما يريده باسيل بحسب قوله في حلقاته الضيقة والتي يعرفها “#حزب الله” هو ان الوقت لا يحتمل كل هذا الترف والانتظار، وهما يعرفان ان حوارهما يحتاج الى وقت اطول لانجازه وسيجتمعان خلال الاسبوع الجاري. ولذلك من الافضل لانجاح العملية الحوارية بحسب باسيل اجتماع رؤساء الاحزاب في الحوار المنتظر وعدم الاكتفاء برؤساء الكتل، على ان ينعقد الحوار برئاسة بري وباستثناء السيد حسن نصرالله للاسباب الامنية المعروفة عند الرجل، على ان يمثله نائبه الشيخ نعيم قاسم او رئيس كتلته النيابية النائب محمد رعد. ويعتقد باسيل ان البحث مع رؤساء الكتل غير كاف مع التوقف عند توزع النواب السنّة الـ 27 الى النواب المستقلين، وان مسألة من يترأس طاولة الحوار أبعد من ان تكون برئاسة نائب رئيس المجلس الياس بو صعب، ولا سيما ان العونيين يريدون اجوبة شافية على الشكل والاطار والتأكيد على تثبيت جلسات انتخابية مفتوحة.
وما يفضله باسيل هنا ان تكون طاولة الحوار برئاسة بري واشرافه. واراد في خطابه الاخير توجيه رسالة تطمين الى المعنيين في البرلمان عندما طلب منهم التعهد بإقرار اللامركزية الادارية الموسعة والصندوق الائتماني في العهد الجديد المقبل.
وبعدما تلقّى بري كل هذه الردود التي يعرفها في الاصل، فضلا عما سمعه من حصيلة لودريان لم يوقف محركاته، لكنه طلب من اعضاء كتلته النيابية عدم الاستمرار في الدعوة الى طاولة الحوار حتى لا يظهر فريقه في موقع المتسول لهذا الفعل ولو كان يساعد في انتخاب رئيس للجمهورية. وما يقصده هنا ان هذا الواجب الدستوري هو مسؤولية الجميع وان هذا “الدلال” حيال الحوار ورفضه لا يصب في مصلحة احد ولن يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية.
هل يلتقيان؟
واذا كانت ثمة حظوظ لجمع طاولة الحوار، فهناك من يطرح عقد لقاء بين رئيس المجلس وباسيل، الامر الذي سيكون محل ترحيب عند “حزب الله” الذي يؤيد بالطبع خطوة من هذا النوع. وفي معلومات لـ”النهار” ان الرجلين لا يعترضان على لقاء في هذا التوقيت رغم ارتفاع جدران الخلافات والتباعد بينهما. ولا يعترض باسيل على حصول هذا التطور اذا تم الاعداد والتحضير له في شكل جيد، مع التوقف عند مسألة ان كل الاتصالات الاخيرة وطرح جملة من المبادرات التي لم تؤد الى انتخاب رئيس للجمهورية منذ قرابة سنة على موسم الشغور في الرئاسة بقيت الاطراف في الداخل على تباعدها وانقساماتها التي تعرقل اجراء الانتخابات رغم كل ما تبذله فرنسا عبر مبادرتها وجهود “المجموعة الخماسية”. وتبين للبنانيين ان المجتمع الدولي لا يلتفت اليهم كما يجب ولا يدرجهم في رأس اولويات راداراته السياسية حيث ان اولوياته لا تتعدى اكثر من عدم انفجار الوضع الامني، وان يبقى لبنان “مستودعا” لهذا الكمّ من النازحين السوريين وسط التخبط الدائر بين الوزارات المعنية والاجهزة الامنية حيال هذا الملف الاكثر من شائك. وما يهم الغرب هنا وخصوصا الاوروبيين ان الشاطىء اللبناني يبقى خط دفاع اول عن شواطئهم على المتوسط لمنع تدفق السوريين الى البلدان الاوروبية.
ويبدو ان المعنيين في لبنان لم يستثمروا أو يحسنوا استغلال رسالة الجارة قبرص!