مطالب باسيل “الوطنيّة”… “حزب الله” يساوم والأفرقاء يرفضون

يطرح رئيس “التيّار الوطنيّ الحرّ” النائب جبران باسيل اللامركزية الموسّعة، والصندوق الائتمانيّ، كممرّ وحيد لقبوله بسليمان فرنجية، وهو أساس حواره مع “حزب الله”، ويشدّد على أنّه لا يطمح لمكاسب فردية بل لمكاسب وطنية لبناء الدولة.

وبعد الحديث عن تقدّم الحوار مع “حزب الله” وخصوصاً بعد حادثة الكحّالة، عاد باسيل في عشاء “التيّار الوطنيّ الحرّ” – كسروان إلى سقفه العالي، معتبراً أنّه لن يقبل اليوم أن يفرض أحدٌ عليه وعلى المسيحيين رئيساً مارونيّاً خارجاً عن تمثيله ووجدانه وقناعاته، فإمّا أن يأتي رئيس “من عمق وجداننا وقناعتنا، أو أن تُسنّ قوانينُ وإصلاحات أهمّ منه”، شارحاً أنّ العمل جارٍ اليوم على سنّ قانون لامركزية موسّعة يصحّح الإنماء المناطقيّ، وقانون صندوق ائتمانيّ يصحّح الإنماء الوطنيّ، ومع مشروع بناء الدولة يصبح للبنانيين منظومة قوانين ونظام يسمحان لهم بالعيش برفاهية وبكرامة، وهكذا ينتهي زمن الخدمات السيّئة للمواطنين وزمن اللاعدالة في الجباية واللامساواة في الضريبة، وكلّ من يدفع للدولة حقوقها وخدماتها يحصل منها على الخدمة الجيّدة السويّة والعادلة.

يعلم باسيل جيّداً من أين تؤكل الكتف، ويعلم أيضاً أنّ مطلب اللامركزية المالية هو مطلب يدغدغ الشارع المسيحيّ، وهو يؤيّده في أغلبيته الساحقة، بغضّ النظر عن مواقف الأحزاب التي تتّخذ مواقف سياسية منه، وهو لم يهملها في هجومه، سائلاً عمّا فعلتم خلال 30 عاماً في ما تعتبرونه حقّاً؟ ولماذا لم تنفّذوه؟

وفي السياق نفسه، يرى أنّ أمامه فرصة ذهبية للحدّ من العرقلة التي تشهدها الانتخابات الرئاسية، فهو إن استطاع إقناع “حزب الله” بمطلبه خرج بطلاً في بيئته، وإن لم ينجح، وهذا أرجح، يكون متّن حجّته برفض الوزير السابق سليمان فرنجية وتخلّص منه.

“الحوار مستمرّ” لكنّه يسير ببطء، هذا ما يؤكّده “حزب الله” و “التيّار” في الوقت نفسه من دون الكشف عن تفاصيل المشروع الذي قدّمه “التيّار” للحزب في ما يتعلّق بمطلبيه الأساسيين، خصوصاً أنّ الأمور ليست بهذه السهولة لدى “حزب الله” الذي يريد استمالة باسيل وحسم انتخاب فرنجية من دون توريط نفسه في مشاريع يرفضها ولا يستطيع في الأصل تسويقها لدى حلفائه من رئيس مجلس النواب إلى الآخرين، وهو يعمل بحسب المعلومات على اختراق يعطي باسيل قليلاً من اللامركزية مقابل دعم فرنجية، لكنّ الطرح كما يطرحه باسيل مستبعد، وخصوصاً أنّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله برّر مسبقاً رفضه لهذا الأمر بحجة أنّ هناك رفضاً شعبيّاً، وبالتالي سيكون الأمر بمثابة نقاش طويل يُثبّت لامركزية، ربما تكون أقلّ من المشروع الذي يناقش في مجلس النواب، مع ضمانات سلطوية تحفظ ماء الوجه وتُظهر “التيّار” منتصراً في هذه المعركة. أمّا بالنسبة إلى الصندوق الائتمانيّ فهو ما زال مجرّد فكرة من دون هيكلية وتحتاج إلى نقاش طويل يتجاوز “الحزب” و”التيّار” إلى جميع مكوّنات الشعب اللبنانيّ.

إلى ذلك لا يكفي الاتفاق بين “حزب الله” و”التيّار الوطنيّ الحرّ” مهما كان، إلى إقرار القانون الذي لا يحظى بأيّ شعبية لدى باقي المكوّنات الطائفية والسياسية، بدءاً من حليف “حزب الله” اللصيق حركة “#أمل” إلى باقي المكوّنات كالحزب التقدّميّ الاشتراكيّ، وممثّلي الطائفة السنية.

ويشير النائب قبلان قبلان إلى أنّ “الحركة” ترى في اللامركزية المالية الدرجة الأولى في سلّم التقسيم والفيديرالية، و”نحن لدينا موقف ثابت من هذا الأمر لم يتغيّر ولن يتغيّر”.

ويقول لـ”النهار”: “حتى الآن الحديث الذي نسمعه عن هذا الموضوع، وخصوصاً الحوار بين “حزب الله” و”التيّار الوطنيّ الحرّ” لا يزال في العموميات ولم يصل إلى مكان جدّيّ، وعندما يتمّ الاتفاق بين الفريقين ندرس الأمر ونعلّق على الموضوع”.

ويضيف: “إذا استنتجنا أنّ الأمر سيؤدّي إلى “غيتوهات” مالية وأمنية، وقد يؤدّي لاحقاً إلى فيديرالية، فلن نسير به في أيّ حال من الأحوال”، لافتاً إلى أنّ “اللامركزية المقبولة هي اللامركزية التي تحدّث عنها الطائف، وهي لامركزية إدارية موسّعة تكون جزءاً من تطوير العمل الإداريّ، وتُقدّم تسهيلات للمواطنين”.

وكشف قبلان عن أنّ “حزب الله” لن يسير بالمشروع الذي يسوّقه باسيل، وكلّ ما يُحكى في هذا الإطار غير صحيح، “فبحسب معلوماتي هناك استحالة قبول “الحزب” بأيّ مركزية مالية على الإطلاق”.

بدوره أمين سرّ كتلة “اللقاء الديموقراطيّ” النائب هادي أبو الحسن يرى أنّ اللامركزية الإدارية هي “مطلب مهمّ لتطوير الإدارة في لبنان، وهذا أمر يحقّق الإنماء المتوازن، وهذا كان مطلبنا القديم التاريخيّ، وهو ورد في اتفاق الطائف لكنّه لم يطبّق”.

ويقول لـ”النهار”: “أمّا في ما يخصّ اللامركزية الإدارية المالية الموسّعة، فالمشكلة تكمن في كلمة الموسّعة، ففي أساس اللامركزية الإدارية جزء ماليّ، ولكن إذا تطوّرت لتصبح لامركزية تشريعية وسياسية، فهذا يعني أننا قد نذهب نحو الفيديرالية، وهي خطوة أولى على مسار التقسيم، وهذا ما نخشاه وما نرفضه سلفاً”.

ويختم: “لهذا السبب قد يكون طرح اللامركزية الإدارية المالية الموسّعة يستبطن نزعة نحو الانفصال، وهذا أمر خطير جدّاً ولا يتحمّله لبنان، وسيكلّفنا الكثير ولن نرضى به”.

Leave A Reply

Your email address will not be published.