قائد الجيش ما له وما عليه: أين الحقيقة؟

 

قائد الجيش العماد جوزف عون مرشّح “جدّي” الى رئاسة الجمهورية سواء أقرّ بذلك علناً أم استمرّ في النكران، باعتباره لم يعلن ترشّحه ولم يرشّحه أحد بعد رسمياً. لكن ما يجري حوله ومعه يجعله حكماً في دائرة الترشيح الجدّي. فالمحيطون به يجنّدون إمكانياتهم لتلميع صورته والهجوم على خصومه، لا باعتباره قائداً للجيش، بل رئيساً مقبلاً.

من المرويّات حول ترشّحه، وجود فريق استشاري سياسي إعلامي، يحضّر له الأرضية المناسبة، واتصالات بعيدة من الأضواء لضمان تأليف حكومة جديدة بعد انتخابه تكون منسجمة معه، وقادرة على خلق الثقة لدى اللبنانيين، وتدير الاتصال بعدد من الأشخاص لاستطلاع آرائهم حول استعدادهم لشغل بعض الوزارات والمواقع، على ما يروى في المجالس السياسية.

في المقابل، حملة مركّزة عليه، لم تكن لتطاله لو لم يتعدّ عمله الشأن العسكري في قيادة الجيش.

نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب روى عبر الشاشة أن قائد الجيش يحاصر وزير الدفاع موريس سليم في مكتبه، ويمنع ضيوفه من ركن سيّاراتهم، ومن التحرّك بحرّية، ويضيّق على موكبه، وعلى حرّاسه، وأنه يتعدّى على صلاحياته.

ورئيس “التيّار الوطني الحرّ” جبران باسيل يتهمه ضمناً بخلق الفوضى، للضغط على السياسيين، للاستعجال في انتخابه رئيساً، ما يلتقي مع كثيرين ممّن يتهمون الأجهزة الأمنية بافتعال المشكلات وآخرها الهجوم على المصارف في شارع بدارو، ويرون أن ثمّة تقاطعات بين أكثر من جهاز أمني للقيام بذلك، لأهداف باتت معروفة للجميع.

وأمس كتبت “الأخبار” متهمة قائد الجيش بعقد صفقات لبيع السلاح “الخردة” من دون مناقصات، ومن دون إدخال الأموال العائدة من البيع الى الخزينة العامة، وأن العمل يجري من دون موافقة وزير الدفاع أو مجلس الوزراء.

واتهمته الصحيفة عينها بتلقي الأموال وتوزيعها على العسكر من هبات أميركية وقطرية تدخل في حساب خاصّ يتحكم به قائد الجيش، من دون العبور في أنفاق وزارة المال، وخارج كل رقابة.

ويتحدّث بعض عارفيه من السياسيين في مجالسهم بأنه متشبّث برأيه ولا يقبل التفاوض والأخذ بآراء الغير، وبأنه يمارس سياسة استبداد لا مكان فيها حتى للمجلس العسكري.

ويتهمه “حزب الله” بأنه يرتمي في أحضان الأميركيين، وأنه أبعد معارضي سياساته، حتى إنه “نظّف” الجيش من كل سلاح من الدول الشرقية، وأنه لا يريد سوى التوجّه غرباً، وأنه انقلب على الرئيس ميشال عون عند أول منعطف بعدما كان الأخير أتى به الى اليرزة.

ماذا بعد؟

يبدو أن “المتحاملين” على العماد جوزف عون نجحوا في وضعه في موقع لا يُحسد عليه، بل محاصرته بشتى أنواع “التهم” التي تجعل من بلوغه سدّة الرئاسة، تحدّياً لمكوّنات لبنانية كثيرة، وانتصاراً لسياسات مرفوضة ثار عليها الشارع، وبالتالي يشكل خطر استكمال العهد الفاشل للرئيس ميشال عون، من دون أن يلقى دعم هذا الأخير وفريقه.

أمام هذا الواقع، بات ملحّاً توضيح الصورة وعرض الحقائق وتبرير بعض التصرّفات، والإجراءات، فلا يشعر اللبنانيون بأنهم مخدوعون تكراراً، أو أن الخارج سيفرض عليهم رئيساً من طينة الطبقة السياسية الموجودة، والسيّئة.

صحيح أن العسكر لا يتعاطى السياسة، لكننا أمام حالة تتخطّى العسكر، وبالتالي لا بدّ من الاطلاع على أفكار عون وتوجّهاته وتطلعاته ونظرته الى مجمل الملفّات، لأن اللبنانيين شبعوا مفاجآت وصدمات وصدامات.