قبل 170 عاماً من الآن، وبالتحديد خلال عام 1851، انطلقت الدورة الأولى من معرض إكسبو الدولي في القصر البلوري بالعاصمة البريطانية «لندن» تحت عنوان «المعرض العظيم لمنتجات الصناعة من دول العالم»، وكان الأمير ألبرت، زوج الملكة فيكتوريا، صاحب فكرة تنظيم المعرض، وقد حضر فعاليات دورته الأولى ما يقارب الـ 6 ملايين زائر، واستخدمت إيراداته لتمويل بناء متحف «فيكتوريا وألبرت» الشهير. وفيما بعد أصبح معرض إكسبو الدولي أحد أبرز وأهم الفعاليات العالمية من حيث التأثير الاقتصادي، وبات يُنظم كل خمسة أعوام، ويستمر لمدة 6 أشهر، وتتعدد فوائده للمدن المضيفة، أبرزها المكاسب الاقتصادية لكونه يلعب دوراً تحفيزياً في مختلف القطاعات الاقتصادية، فضلاً عن تأثيراته الإيجابية في مجال عرض الابتكارات التكنولوجية والاختراعات العلمية التي تعزز مفهوم التنمية المستدامة، وتعمل على تحسين مستوى المعيشة للبشر في شتى أنحاء العالم.
كما مثل معرض إكسبو الدولي على مدى الـ 170 عاماً الماضية مناسبة مهمة لإقامة العديد من المشاريع المعمارية والهندسية الفريدة التي أصبحت فيما بعد رموزاً حضارية وسياحية للبلدان التي استضافت المعرض، وما زالت تساهم بشكل كبير في النهوض بالحركة السياحية في هذه الدول من خلال استقطاب ملايين الزوار والسياح سنوياً.

طفرة في سوق العقارات

في غالبية النسخ السابقة للمعرض الدولي، ارتبط معرض إكسبو بالازدهار والنمو العمراني في المدن المضيفة للمعرض، الأمر الذي أدى بدوره إلى الازدهار الاقتصادي، حيث يعد المعرض واجهة للدولة المضيفة، وجزءاً أساسياً من الخطة الاستراتيجية للتنمية الحضرية، وبمثابة عامل مساعد لتسريع تحولات البنية التحتية.
وتؤكد الأبحاث الأكاديمية المعنية بتأثير معارض إكسبو السابقة على أسواق العقارات في المدن المضيفة على تحقيق ارتفاع إيجابي في أسعار العقارات وسط اهتمام كبير من قِبل المستثمرين الأجانب.
وكان الأكاديمي البلجيكي، باتريك دي غروت، نشر في عام 2005 بحثاً يحلل تأثير المعارض على القيم العقارية المحلية منذ استضافة النسخة الأولى من المعرض الكبير في لندن العام 1851، وانتهى فيه إلى ارتفاع إيجابي في أسعار العقارات مع كل نسخة من المعرض بفضل تركز الموارد والإيرادات الوطنية في المدينة المضيفة للمعرض، فقد سجلت مدينة إشبيلية الإسبانية ارتفاعاً بلغت نسبته 23% في أسعار العقارات خلال الأعوام الخمسة السابقة لاستضافتها معرض إكسبو الدولي، و15% خلال الأعوام الخمسة التي تلت المعرض، في حين شهدت هانوفر في ألمانيا، التي استضافت المعرض في العام 2000 ارتفاع الأسعار بنسبة 12% قبل المعرض و40% بعده.

منصة ابتكارات
على مدى الـ 170 عاماً الماضية، مثل معرض إكسبو الدولي منصة عالمية لعرض إنجازات البشرية في الإبداع والابتكار بمختلف المجالات، وساهمت هذه الابتكارات في النهوض بالاقتصاد العالمي، ففي معرض إكسبو الذي استضافته مدينة فيلادلفيا الأميركية في العام 1876، عرض ألكسندر جراهام بيل أول هاتف في العالم، بالإضافة إلى عرض أول آلة صف تجارية. وفي معرض إكسبو نيويورك 1939، شهد العالم ولادة البث التلفزيوني ليراه العامة لأول مرة، وعرض معرض إكسبو الدولي 1970 في مدينة أوساكا اليابانية النماذج الأولى للهواتف النقالة، وعرض مجهر الإلكترون، بقدرة تكبير وصلت إلى 500 ألف ضعف.  وسلط معرض إكسبو الدولي 1986 في مدينة فانكوفر الكندية الضوء على نظام القطار الكهربائي، والقطار المعلق، وقوارب الجندول، والتاكسي المائي.

  • مترو باريس تحفة إكسبو 1900
    مترو باريس تحفة إكسبو 1900

تعافٍ اقتصادي
ساهم معرض إكسبو الدولي الذي استضافته مدينة ملبورن الأسترالية خلال العام 1880 في تطوير البنية التحتية للمدينة، وتطوير صناعاتها، ومكنها من تأسيس أضواء كهربائية، ووسيلة النقل الكهربائية «الترام».
بينما احتفل معرض إكسبو الدولي الذي استضافته مدينة سان فرانسيسكو الأميركية في العام 1915 بافتتاح قناة بنما، وأتاح للمدينة فرصة التعافي الاقتصادي من آثار الزلزال المدمر الذي ضربها في العام 1906.

فرص عمل
تعمل معارض إكسبو على توفير فرص العمل، حيث تبدأ مشروعات البناء الكبرى، وتزيد معدلات السياحة الدولية والمحلية، وتزيد نسبة مرتادي المطاعم والفنادق وشركات تأجير السيارات، وغيرها من الشركات، وفي الوقت نفسه، هناك الكثير من الآثار الإيجابية غير الملموسة على العلامات التجارية في المدينة والبلد المضيف للمعرض، وعلى صورتهما الدولية.

468 مليون دولار أرباح جناح واحد
نجح الجناح الهولندي في معرض إكسبو 2000 الذي استضافته مدينة هانوفر الألمانية، في تحقيق أرباح ضخمة وصلت إلى نحو 350 مليون يورو، أو ما يعادل 468 مليون دولار. الأمر الذي اُعتبر منافع اقتصادية غير مباشرة على المدى الطويل بالنسبة لهولندا، وهو ما يزيد بأكثر من 10 مرات الاستثمار في البلاد.