في التداول: ليرات بلا إنتاج ولا واردات!

على أحقية وضرورة صرف بدلات النقل للقوى العاملة في القطاعين العام والخاص بعد أن تخطى سعر صفيحة البنزين الـ٧٥ ألف ليرة ويتجه الى الـ٣٠٠ ألف ليرة كما أعلن وزير الطاقة قبل أسابيع، فإن هذا القرار كما سائر القرارات التي اتخذتها الحكومة حتى الآن، سيضيف الى النقد المتداول مليارات الليرات اللبنانية التي ستصرف لتغطية الجزء الذي سيعطى الى المودعين في إطار مشروع الـ٢٥ مليار دولار على مدى ٥ سنوات إضافة الى ما يقابلها بالليرات حوالي ٣٠ ترليون دولار التي ستضاف أيضا الى الـ٤٠ ترليون ليرة المطبوعة حتى الآن والتي ستضاف أيضا وأيضا الى الجزء الأكبر من نفقات الحكومة عن موازنتي هذا العام وعام ٢٠٢٢ وهلّم جرّا.. ودون أن يقابل هذا القدر الهائل المطبوع بالليرات، قدر كافٍ من الايرادات التي باتت في حال تراجع دائم نتيجة الأزمات المالية والمصرفية والاقتصادية، ودون أن يقابلها أيضا ما يكفي من الانتاج الذي بات في حال شبه شلل في مختلف القطاعات الاقتصادية وبما أغرق وسيغرق البلاد بطوفان من النقد المتداول بالليرة لن تتمكن أي حكومة من مواجهة تداعياته التضخمية سوى بالتمني على الدول العربية والمجتمع الدولي تقديم مساعدات وهبات الأمر الذي عبّرت عنه «الأكونوميست» البريطانية في عددها الأخير بلغة «فظة» و«عدائية» بأن لبنان «يتسول المساعدة» كما النص في العنوان Lebanon Begging For Help مستندة في ذلك الى عبارة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بأن لبنان «على بُعد بضعة أيام من انفجار اجتماعي» التي وردت في كلمته خلال لقائه السفراء الأجانب في السادس من هذا الشهر، والتي ناشد فيها «الملوك والأمراء ورؤساء وقادة الدول الصديقة والأمم المتحدة وكل الهيئات والمنظمات الدولية مساعدة لبنان وإنقاذه من الكارثة».

وعلّقت المجلة على الطلب بأن قادة الدول الأجنبية لم يستمعوا الى النداء لأنهم فقدوا ثقتهم بالسياسيين اللبنانيين الذين تمنعهم الانقسامات الطائفية والفساد المستشري من تحقيق الاصلاحات التي دعاهم إليها السياسيون الأجانب (وكان منهم أخيرا وزير التجارة الفرنسية «فرنك ريستر» الذي أكد ان السياسيين اللبنانيين لم يلتزموا الاصلاحات المطلوبة مشيرا الى ان هناك عقوبات ستصدر بحق القوى السياسية التي تعرقل تشكيل الحكومة) وأعطت المجلة مثلا التأخير في مسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت والهدر الحاصل في الدعم الذي استفاد منه الأغنياء والاستنزاف المتواصل لاحتياط النقد الأجنبي لدى البنك المركزي والاستمرار في طباعة كميات كبيرة بالليرة اللبنانية بما سيزيد في التضخم وفي معدلات الفقر وانعدام ثقة المجتمع الدولي بأن السياسيين اللبنانيين يهمهم بالفعل مساعدة فقراء لبنان. وتنهي المجلة مقالها بالقول: «فهل يمكن بعد ذلك كله الاستغراب لماذا بلغ نداء رئيس الحكومة اللبنانية لمساعدة لبنان… آذانا صمّاء»؟!