الأسهم الأميركية تواصل التحليق

بعد يومٍ صعب على المستثمرين، اهتزت فيه ثقتهم في سرعة استعادة الاقتصاد الأميركي انتعاشه، وبدأ المحللون فيه في توجيه النصائح بكيفية التعامل مع موجات بيعية متوقعة على نطاق واسع، واصلت الأسهم الأميركية تحليقها  الذي بدأته منذ أكثر من خمسة عشر شهراً، مستفيدة من تصميم بنك الاحتياط الفيدرالي على الإبقاء على مستويات السيولة المرتفعة ومعدلات الفائدة المنخفضة، كما حزم الإنقاذ الضخمة التي ضخت تريليونات الدولارات، لتسجل المؤشرات الرئيسية الثلاثة مستويات قياسية جديدة، انتظاراً لانطلاق موسم إعلان الأرباح الفصلية للشركات بدءاً من هذا الأسبوع.
وخلال تعاملات يوم الجمعة، ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بما يقرب من 450 نقطة، تمثل 1.3% من قيمته، لينهي تعاملات الأسبوع عند أعلى مستوياته على الإطلاق، مسجلاً 34.870.16 نقطة. وفي نفس اليوم، ارتفع مؤشر ناسدك بنسبة 0.98%، بينما واصل مؤشر إس آند بي 500 قفزاته، مرتفعاً بنسبة 1.1%، ومسجلاً أسبوعه السادس من الارتفاعات في آخر سبعة أسابيع.
ورغم عقد الرئيس الأميركي جوزيف بايدن مؤتمراً صحافياً لم يكن مخططاً له، وقطع برامج المحطات الإخبارية لنقل تفاصيله، ليعلن فيه إصدار أمراً تنفيذياً يستهدف شركات التكنولوجيا الكبرى، ذات الثقل الكبير في مؤشرات الأسهم الرئيسية الثلاثة، للحد من ممارساتها الاحتكارية التي تضمن لها السيطرة على الأسواق، احتفظت المؤشرات بقوتها، حيث اغتنم بعض كبار المستثمرين والصناديق الفرص التي كانت متاحة في الأسواق بعد انخفاض أسعار الأسهم في تعاملات يوم الخميس.
واعتادت أسواق الأسهم الأميركية خلال الأسابيع الأخيرة استيعاب الموجات التصحيحية التي تسببت فيها رغبة البعض في جني الأرباح بعد الارتفاعات الكبيرة، لتعاود ارتفاعها من جديد بعد جلسة أو جلستين، وهو ما اعتبره الكثيرون علامة على صلابة الموقف المالي للشركات الأميركية، رغم فترات الإغلاق التي شهدها أغلبها خلال العام الماضي. وبعد تسجيل المؤشرات الأميركية عشرات المستويات القياسية خلال النصف الأول من العام، أكد كريس جريسانتي، كبير المتعاملين في الأسهم لدى شركة MAI لإدارة الاستثمارات، أن الأمر التنفيذي للرئيس الأميركي يضيف عنصراً جديداً إلى قائمة المخاطر الموجودة حالياً في الأسواق، إلا أن نبه المستثمرين إلى أن «حفلة ارتفاع أسعار الأسهم لم تنته بعد «.
ومع ظهور متحورات فيروس كوفيد-19، وانتشارها في العديد من البلدان، واستحواذ متحور دلتا على أغلب الإصابات خلال الفترة الأخيرة في الولايات المتحدة، وتراجع معدلات استعادة سوق العمل الأميركية لقوتها، بالإضافة إلى عدم انتظام سلاسل الإمداد في الولايات الأميركية حتى الآن، ظهرت من جديد شكوك في قدرة الاقتصاد الأميركي على استعادة عافيته كاملةً في وقت قريب، إلا أنه بعد ارتفاعات يوم الجمعة، ومع اقتراب الإعلان عن أرباح الشركات، مازال المناخ العام في وول ستريت مفعماً بالتفاؤل، وينتظر الكثيرون مزيداً من الارتفاعات.